توتالیتاریة اللیبرالیة الجدیدة و الحرب علی الإرهاب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

توتالیتاریة اللیبرالیة الجدیدة و الحرب علی الإرهاب - نسخه متنی

توفیق المدینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ما عادوا يتمثلون برؤساء الدول و رؤساء
الوزارات و زعماء الأحزاب السياسية و قادة
التكتلات البرلمانية، بل بمدراء الشركات
المتعددة الجنسية و رؤساء مجالس الإدارة
وأرباب الرأسمال المالي و كبار المضاربين
في البورصات و الأسواق المالية. وليست
الدول هي التي تملي سياساتها على رجال
الصناعة و المال، بل هؤلاء هم من يملون على
السياسيين السياسة المطلوب تنفيذها .
فالسلطة السياسية في زمن العولمة، أو
التوتاليتارية الليبرالية الجديدة تحولت
إلى مجرد خادم أو مجرد نادل في مقهى
الأسواق المالية التي آلت إليها السيادة
الفعلية على العالم، لأن الحاكم الفعلي في
عالم اليوم، هو الرأسمال المالي، و
توتاليتارية الأسواق، و توتاليتارية
تقنيات الاعلام الجماهيري. و على هذا
النحو يؤكد عالم الاجتماع الفرنسي الراحل
بيار بورديو في معرض نقده للعولمة، بقوله،
إن التوتاليتارية لم تعد صفة للدولة بل صفة
للإقتصاد، و أن التوتاليتارية
الاقتصادية، بعكس التوتاليتارية
السياسية، توتاليتارية مغلفة و لا
منظورة، و تبسط هيمنتها " السرية " على
العالم بأسره. فمن خلال البنك العالمي و
صندوق النقد الدولي و البنك المركزي
الأوروبي و الشركات المتعددة الجنسيات
تمارس " الحكومة العالمية اللامنظورة "
دورها حسب تعبير بورديو " سلطة شبه مطلقة
على كبريات المجموعات الإعلامية المتخصصة
في إنتاج و توزيع السلع الثقافية، و في
التحكم بالرأسمال الرمزي، و في فبركة رؤية
للعالم توافق إلى حد بعيد المصالح
الاقتصادية و المالية لسادة العالم
الجديد".
و من جهة يؤكد اغناسيو ر امونيه في كتابه
الآخر الذي يحمل عنوان " طغيان الإعلام " إن
أجهزة الأعلام في عصر العولمة قد غدت "
أفيون الشعوب الجديد ". فتحت ستار " موت
الإيديولوجيا " تروج للإيديولوجيا
الوحيدة التي مازالت حية بالفعل، و هي
الإيديولوجية الليبرالية المنزوعة عنها
صفتها الإيديولوجية، مما يتيح لها أن "
تتسلل " بسهولة أكثر و بلا مقاومة إلى
الأذهان لتخدرها و لتشل طاقتها على
التفكير النقدي. و في نظر رامونيه إن هذه "
الدعاية الصامتة " أشد فاعلية بما لا يقاس
من " الدعاية الصاخبة " في عصر " الخطابة
الإيديولوجية ".
فالأفيون الليبرالي الجديد لا يسعى إلى
استفزاز الوعي و تعبئته بل إلى تنويمه و
تخديره، بحيث يجعله يستطيب و يتلذذ "
التوتاليتارية الناعمة والمستساغة
المذاق " بعصر العولمة. فوسائل الاعلام
العولمية لا تسعى إلى الترويج المباشر
للأفكار، بل إلى غزو العقول : و يستشهد
رامونيه ههنا بمقولة لغوبلز، كبير خبراء
النازية و " علم الاعلام " : " إننا لا نتكلم
لنقول شيئا، بل لنحصل على مفعولها ".. و هذا
المفعول هو ما تسعى إليه وسائل الاتصال
الجماهيري المعاصر، و لكن من غير أن تتكلم.
فهي تكتفي بأن تلوح بالصورة كيما تستثير
لدى المتلقي، تماما كما لدى كلب بافلوف،
المفعول المطلوب .
- 2 -
إذا كانت الليبرالية الكلاسيكية الغربية
هي بمنزلة إيديولجية الامبراطورية
البريطانية، فإن التوتاليتارية
الليبرالية الجديدة هي إيديولجية
الامبراطورية الأمريكية. فالعولمة
الاقتصادية التي تشكل " توتاليتارية
الأسواق " ديناميتها الطاغية على عصرنا،
تحتاج التكملة لجهة إيجاد استراتيجية
شمولية على الصعيد الأمني و العسكري. و منذ
نهاية الحرب الباردة في تشرين الثاني/
نوفمبر 1989 التي توافقت مع انهيار جدار
برلين، و بعد انتهاء مرحلة ما بعد الحرب
العالمية الثانية في كانون الأول / ديسمبر
1991 التي توافقت مع زوال الاتحاد السوفياتي
و حرب الخليج الثانية، بلغت الولايات
المتحدة الأمريكية قمما في السيطرة
العسكرية و الاقتصادية و السياسية لطالما
كانت غير قابلة للتخيل، الأمر الذي جعل
الولايات المتحدة تطمح وحدها إلى تحديد
قواعد الحياة الدولية من خلال تبوئها مركز
قيادة النظام الدولي الجديد أحادي القطبية
.
وافتتحت حرب الخليج الثانية، و حرب
كوسوفو، مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات
الدولية، لجهة قيام نظام توتاليتاري جديد
بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.
فباسم التدخل الإنساني الذي بات يعتبر
الأرفع أخلاقيا، لم تتردد الإمبراطورية
الأمريكية في الاعتداء على ركيزتين

/ 278