بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الاستهلاك تغيرت كليا. بالأمس، كانت الحدود بين الإنتاج و الاستهلاك للعامل بالسلسلة، تصطدم بالحواجز، أما اليوم، فإنها سالكة، أي نافذة. و نشهد اليوم، مضاعفة السكان الذين يعملون في التجارة و الخدمات والتأمينات الخ، و انتقالا من العمل اليدوي إلى العمل الذهني، و من المواد إلى اللامواد، و أيضا العمل الذي يجمع بين الإنتاج التقني و الخدمات، أي الإنتاج وجها لوجه . في الرأسمالية الكلاسيكية ،نجد قوة العمل ممتزجة في الناتج، أما في الرأسمالية الجديدة، فسواء في القطاع الصناعي، أو في قطاع الخدمات، فإن الشخص نفسه - وقته، خصائصه المميزة، قدرته الإبداعية - هو الذي يصبح الناتج تقريبا. و لا شك في أن هذا النمط الجديد من الإنتاج لـه انعكاسات مستجدة بكل تأكيد، لأنه يغير كليا العلاقة بين الفردي و الجمعي، و ينتج مزيجا من التحرر و أشكالا جديدة من الاستغلال، و من الاستغلال الذاتي المتزايد ولكن أيضا أشكالا من التبعية و من الضغوطات الشديدة، هذه هي خاصية الرأسمالية الجديدة في زمن العولمة . في الواقع، ارتبط مفهوم العولمة بالتحولات الخارقة التي تعيشها الرأسمالية المعاصرة، خاصة على صعيد التدويل الهائل للأسواق المالية التي تعمل اليوم على قاعدة الشبكات التي تتجاوز الحدود القومية .فالصفقات المالية التي كانت منظمة بقوة على قاعدة قومية حتى مطلع الثمانينات من القرن الماضي، عرفت عدم انتظام و تدويلا سر يعين. و قد أسهم تكاثر الابتكارات المالية، و عدوى إجراءات الليبرالية,و الانفتاح، و الحركية المتزايدة التي تسمح بها التقنيات الحديثة للاتصال, و معالجة المعلومات، في تحويل شروط عمل الأسواق المالية، و أيضا سندات الدولة و العمولات، اذ توازن ميزان المدفوعات وتحديد معدلات الصرف. و الحال هذه فقد تغيرت السياسات الاقتصادية كليا، لأن الأوساط المالية الدولية تقدر و تحرر قرارات الدولة بانتظام، إلى درجة أنها أصبحت تشكل سلطة موازية، غير مسماة ظاهريا، و لكنها قوية . و لا يبدو أن عولمة الأسواق المالية قد أدى إلى تنوع مصادر تمويل الشركات المساهمة العملاقة جغرافيا، إذ استمرت الشركات المتعددة الجنسية تمول معظم رأسمالها من الأسواق المالية المحلية. و هذا يعني أن مفهوم العولمة، بوصفه نهاية الدولة القومية ليس دقيقا : فعلى الرغم من تكاثر عوامل عدم الاستقرار، فإن الفضاءات القومية لم تذب بعد في مجموع جديد معولم كليا(2). 2- العولمة...حرية التجارة في خدمة الدول الصناعية الغربية ومع انتصار النيوليبرالية الجديدة في نهاية الحرب الباردة، و سعيها لفتح الحدود أمام الشركات المتعددة الجنسية، و ولادة منظمة التجارة العالمية بالمصالح التي تعبر عنها، ازداد الضغط على الدول لتتراجع عن أداء وظيفتها الاقتصادية الاجتماعية. و مازال النقاش حول مفهوم العولمة مركزا عموما حول مستقبل الكيانات القومية . ويتساءل كبار المحللين الاقتصاديين حول الطريقة التي ستتطرر بها الدول - الأمم، انطلاقا من رصد ظاهرتين كبيرتين : الأولى : عولمة الأسواق المالية (و هي الوحيدة التي تستحق هذا الاسم ). و الثانية الانتقالات القومية السريعة لشركات الإنتاج، لا الشركات التجارية فقط، و التي تترجم عادة بانفجار الإستثمارات المباشرة في الخارج، و بتنامي المبادلات ما بين الفروع, و مابين الشركات العملاقة في المبادلات العالمية. فالإطار القومي الذي لا يعجب بعض أنبياء الإقتصاد المفتوح بلا حدود، يظل, و سوف يظل بلا شك و لمدة طويلة أيضا، مرجعا من الدرجة الأولى، حتى للشركات المساهمة العملاقة، وإستراتيجياتها. ومع ذلك، فإن الجغرافيا الجديدة للاقتصاد المعولم تتمفصل على بؤر التراكم و النمو تحت - القومية، للمناطق و المدن، و المتروبولات, أكثر مما على المجموعات القومية المتجانسة. فتدفقات الإستثمارات لا تذهب بشكل رئيس كما يزعم الخطاب المسيطر إلى حل التبديلات المحلية، من البلدان الغنية نحو البلدان الفقيرة. بل إنها تنسج مشروعها جوهريا داخل البلدان المتقدمة، وبصورة أدق بين المناطق الأكثر ديناميكية من تلك البلدان، لكي نشهد على بروز " متروبولات " حقيقية للاقتصاد