بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
المسألة فريقان: فقسم سرد تلكم الأحوال سردا تاريخيا أو أخرجها إخراج الحديث من غير تعرض لما لها أو عليها وقد عرفت هؤلاء، وفريق يعترف بكل ما هنالك غير إنه يعتذر عمن ارتكب هاتيك الأحوال بأنها كانت لحفظ أبهة الخلافة، وصيانة منصب الشريعة، وإقامة حرمة الصفحة 82 الدين (1) وليس أحد من هؤلاء من الشيعة حتى يجعل الآلوسي روايتهم غير معول عليها، وهل من الجائز أن لا يتفطن أعلام القوم وحفاظهم في كل تلكم القرون الخالية لما جاء به الآلوسي، وحسبوا أولئك ما روته الشيعة صحيحا وجعلوه من مطاعن عثمان المتسالم عليه عندهم، وجاءوا ينحتون له الأعذار في تبريره؟ وبعد هذه كلها فلا عذر للجنة الحاكمة في أن تعتمد على مثل هذه الكلمة التي مزيجها الكذب، وحشوها الأغلاط، والعوار مكتنف بها من شتى نواحيها، هذا حال الشاهد الأول الذي استشهدت به اللجنة الحاكمة. الشاهد الثاني أما شاهد اللجنة الثاني وهو ابن كثير، وما أدراك ما ابن كثير، وما أراك ما كتاباه في التفسير والتاريخ؟ مجاميع الفحش، وموسوعات البهت، وكراريس الدجل، ومن تدجيله هاهنا ما ادعاه من نسبة تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال إلى أبي ذر و إنه كان يفتي به ويحثهم عليه. الخ. على حين إنه لا يوجد لأبي ذر أي فتوى تصرح أو تلوح بذلك التحريم أو حث له على ذلك أو أمر به أو تغليظ فيه، غير ما لفقه الأفاكون في الأدوار المتأخرة من عزو مختلق، نعم: وربما يتخذ مصدرا لهذه الأفائك ما شوه به الطبري صحيفة تاريخه من مكاتبة السري الكذاب من طريق شعيب المجهول عن سيف الساقط المتهم بالزندقة، الذين عرفت موقفهم من الدين والصدق والأمانة وعرفت حال روايتهم خاصة في ص 328326، وغير خاف ذلك على مثل ابن كثير و من لف لفه، لكنهم نبذوا الرجل نبذة ليسقطوه عن محله، ويسقطوا آرائه عن الاعتبار فتشبثوا بالحشيش كالغريق، لكنهم خابوا وفشلوا، وإنما المأثور عنه تلاوة الآية الكريمة، ونقل السنة الواردة عن نبي الاسلام في اكتناز الذهب والفضة، وأما الآية الكريمة فقد عرفت مقدار دلالتها وإن الخلاف لواقع بين أبي ذر ومعاوية إنما هو بالنسبة إلى نزولها دون المفاد، وإنه لو صحت النسبة لوجب قذفهما معا أو تبرئتهما معا. علي أن لأبي ذر في ما ادعاه من شأن الآية مصافقون فروى ابن كثير نفسه عن ابن عباس: إنها عامة. وعن السدي أنه قال: هي في أهل القبلة. فهو أيضا يوافقه في الجملة. ____________ (1) راجع الرياض النضرة 2: 146، الصواعق ص 68، تاريخ الخميس 2: الصفحة 83 وفي تفسير الخازن 2: 232: قال ابن عباس والسدي: نزلت في مانعي الزكاة من المسلمين، وقال القرطبي في تفسيره 8: 123: قال أبو ذر وغيره: المراد بها أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين، وهو الصحيح لأنه لو أراد أهل الكتاب خاصة لقال: و يكنزون بغير " والذين " فلما قال: " والذين " فقد استأنف معنى آخر يبين إنه عطف جملة على جملة، فالذين يكنزون كلام مستأنف وهو رفع على الابتداء، قال السدي: على أهل القبلة. وقال الزمخشري في الكشاف 2: 31: ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين. وقال البيضاوي في تفسيره 1: 499: ويجوز أن يراد به المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدون حقه. وقال الشوكاني في تفسيره 2: 339: والأولى حمل الآية على عموم اللفظ فهو أوسع من ذلك. وقال الآلوسي في تفسيره 10: 87: والمراد من الموصول إما الكثير من الأحبار والرهبان، وإما المسلمون وهو الأنسب لقوله: ولا ينفقونها في سبيل الله. فرأي أبي ذر أخذا بمجاميع هذه الكلمات هو الصحيح والأنسب والأولى، وما تفرد به بل ذهب إليه آخرون، فلماذا لا يقذفون هؤلاء بما قذف به أبو ذر، وهل لأبي ذر حساب آخر يسوغ الفرية عليه دون أولئك؟ نعم. نعم. وأما السنة فقد روى نظير ما رواه غير واحد من الصحابة، لكن القوم لم يضمروا على أحد منهم من الحقد ما أضمروه على أبي ذر لمكان رأيه في الإمامة منذ الصدر الأول، ونزعته العلوية التي لم يزل مجاهرا بها، ومناوئته للبيت الأموي، فحاولوا تشويه ذكره وتفنيد رأيه بكل ما تيسر لهم، فمن أولئك الصحابة: 1 - عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله على بلال وعنده صبرة من تمر فقال: ما هذا يا بلال؟ قال: أعد ذلك لأضيافك. قال: أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟ أنفق بلال! ولا تخش من ذي العرش إجلالا.