بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
والآلام والتضحية من أجل الآخرين. 8ً-الإخلاص في الحياة الزوجية عند نعيمه وتولستوي: لقد آمن كلّ من ميخائيل نعيمه وليف تولستوي بوصية "لا تزن" لأنّ احترام هذه الوصية يعني احترام الأسرة، التي يشكل الإخلاص حجر الزاوية في بنائها، وإذا خالف الإنسان هذه الوصية فإنما يسيء لنفسه وللآخرين. كتب ليف تولستوي مؤلفاتٍ نقديةً وإبداعيةً كثيرةً في هذا الموضوع. ورأى ضرورة الحفاظ على العفة قبل الزواج وأثناءه. والهدف من الزواج برأيه إنجاب الأطفال الذي يخدمون اللّه والناس في المستقبل. تزوجت بطلة قصة "السعادة الأسرية" (1859) رجلاً أكبرمنها كثيراً. عدد سنوات عمره ضعف عدد سنوات عمرها. وعندما كانت في بلدٍ أجنبي، كادت أن تخون زوجها مع إيطالي اسمه ماركيز، لكنها لم تقدم على الخيانة، وبذلك أنقذت أسرتها، وأنقذت حياة الناس الآخرين، الذين ارتبطت حياتها بحياتهم. تذكّرنا قصة "السعادة الأسرية" (1859) بأمور كثيرة برواية "آنّا كارينينا" (1877)، التي صدرت بعد مرور ما يقارب العشرين عاماً على صدور قصة "السعادة الأسرية" فلقد تزوجت آنّا كارينينا إنساناً أكبر منها سناً بكثير، كما هي الحال في قصة "السعادة الأسرية" وكان عند بطلة القصة طفل واحد مثلما عند بطلة "آنّا كارينينا" طفل واحد، عندما تعرضت كلّ منهما لتجربة الخيانة الزوجية. في قصة "السعادة الأسرية" لم تحدث الخيانة، ولذلك سارت الحياة مسارها الطبيعي. وهذه الحالة الأولى من حالات الحياة الأسرية. وأما الحالة الثانية فهي فيما لو أقدمت بطلة قصة "السعادة الأسرية" على الخيانة الزوجية. ماذا كان سيحدث؟ ونجد الإجابة عن هذا السؤال في رواية "آنّا كارينينا". فلم تستطع آنّا كارينينا فهم قوانين الحياة الواضحة والمستقيمة مثل سكة الحديد، وقوانين الحياة رحيمة لمن يحافظ عليها ويصونها، وقاسية على الذين لا يصونونها. قضت آنّا كارينينا على حياتها وعلى حياة ابنها وابنتها، وعلى حياة زوجها كارينين، وبعد انتحارها التحق فرونسكي بالقطعات العسكرية المشاركة في الحرب متطوعاً، وكأنّه يقدم على الانتحار، وترك والدته تعاني الآلام والشقاء. أيّ أنّ موت آنّا كارينينا سبّب الآلام والأوجاع لكلّ الناس المحيطين بها، على قدر علاقتهم بها، وعلى قدر تسببهم في موتها. لأنّه لا توجد في الحياة تصرفات منعزلة. كلّ الأمور في الحياة متشابكة ومترابطة ولها علاقة بعضها ببعضها الآخر ولذلك فإن الجميع مسؤولون عن خطيئة آنّا كارينينا مثلما هي مسؤولة عن خطاياهم. ففي الحياة توجد علاقات سببية. فكل عملٍ هو نتيجة للأعمال التي سبقته وسبب للأعمال التي تليه. كانت علاقة كارينين بأسرته مثلما هو بوظيفته. وهذا أحد أسباب مأساة أسرته. لأنّ العقل والأخلاق ضروريان في الحياة الأسرية ولكنهما لا يكفيان فلا بدّ من القلب والحب. في قصة "موت إيفان إيليتش" (1886) نرى أنّ إيفان يشبه كارينين: "وكان يطلب من الحياة الأسرية فقط وسائل الراحة مثل الفراش والخدمة والحفاظ على الأخلاق العامة أمام المجتمع للحصول على احترام الآخرين" (102ص74-75) ونتيجة لنظرتي إيفان وكارينين إلى الحياة الأسرية الخاطئتين، لم يتوصلا إلى السعادة الأسرية، فلكي تتخلص آنّا كارينينا من خشونة معاملة كارينين لها، التجأت إلى الضابط فرونسكي، الأمر الذي انتهى بانتحارها، لأنّ آنّا ابتعدت عن خطيئة زوجها، فارتكبت خطيئةً، عقوبتها الموت. يقتل بوزنيشوف زوجته في قصة "لحن كريتسر" (1889) ومصدر شقاء هذه الأسرة أنّ بوزنيشوف لم يكن عفيفاً في حياته قبل الزواج، ولكنه لم يتوقع أبداً أنّه سيدفع ثمناً باهظاً بعد الزواج، وأنّ سلوكيته قبل الزواج ستترك آثارها ونتائجها. فكانت عواقب هذه السلوكية أنّه أصبح ظنيناً، ولم يثق بأحدٍ، في أيّ أمرٍ. وانتهى أمره بقتل زوجته، وأراد أن يقتل الموسيقي ويقدم على الانتحار. ونرى في قصة "الشيطان" التي كتبها تولستوي في العام نفسه، الذي كتب فيه قصة "لحن كريتسر" أيّ في عام 1889، جريمة قتل تمت بسبب الزنى. وتبدأ القصة بتصدير حول الإخلاص في الحياة الزوجية "سمعتم أنّه قيل، لا تزن. أمّا أنا فأقول لكم، إنّ كلّ من نظر إلى امرأة حتى ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه. فإن أعثرتك عينك اليمنى فاقلعها، وانتبذها عنك بعيداً، فإنّه خير لك أن يهلك أحد أعضائك، ولا يلقى جسدك كله في جهنّم، وإن أعثرتك يدك اليمنى فاقطعها، واطرحها عنك بعيداً، فإنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك، ولا يذهب جسدك كلّه إلى جهنم"