بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ذلك ونحن نجد بقية الكلام مشيرا إليها نفسها فيتعين الأول ويجب فيه ( استطعما أهلها ) ولا يجوز استطعماهم أصلا لخلو الجملة عن ضمير الموصوف # وعلى هذا يفهم من مجموع الآيات أن الخضر عليه السلام فعل ما فعل في قرية مذموم أهلها وقد تقدم منهم سوء صنيع من الإباء على حق الضيف مع طلبه وللبقاع تأثير في الطباع ولم يهم فيها مع أنها حرية بالإفساد والإضاعة بل باشر الإصلاح لمجرد الطاعة ولم يعبأ عليه السلام بفعل أهلها اللئام وينضاف إلى ذلك من الفوائد أن الأهل الثاني يحتمل أن يكونوا هم الأولون أو غيرهم أو منهم ومن غيرهم والغالب أن من أتى قرية لا يجد جملة أهلها دفعة بل يقع بصره أولا على البعض ثم قد يستقر بهم فلعل هذين العبدين الصالحين لما أتيا قدر الله تعالى لهما استقراء الجميع على التدريج ليتبين به كمال رحمته سبحانه وعدم مؤاخذته تعالى بسوء صنيع بعض عباده ولو قيل استطعماهم تعين إرادة الأولين فأتى بالظاهر إشعارا بتأكيد العموم فيه وأنهما لم يتركا أحدا من أهلها حتى استطعماه وأبى ومع ذلك قوبلوا بأحسن الجزاء فانظر إلى هذه الأسرار كيف احتجبت عن كثير من المفسرين تحت الأستار حتى أن بعضهم لم يتعرض لشيء وبعضهم ادعى أن ذلك تأكيد وآخر زعم ما لا يعول عليه حتى سمعت عن شخص أنه قال : إن العدول عن استطعماهم لأن اجتماع الضميرين في كلمة واحدة مستثقل وهو قول يحكى ليرد فإن القرآن والكلام الفصيح مملوء من ذلك ومنه يأتي في الآية ومن تمام الكلام فيما ذكر أن استطعما أن جعل جوابا فهو متأخر عن الاتيان وإذا جعل صفة احتمل أن يكون الإتيان قد اتفق قبل هذه المرة وذكر تعريفا وتنبيها على أنه لم يحملهما على عدم الإتيان لقصد الخير فهذا ما فتح الله تعالى علي والشعر يضيق عن الجواب وقد قلت : لأسرار آيات الكتاب معاني تدق فلا تبدو لكل معاني وفيها لمرتاض لبيب عجائب سنا برقها يعنو له القمران إذا بارق منها لقلبي قد بدا هممت قرير العين بالطيران سرورا وإبهاجا وصولا على العلا كأني علا فوق السماك مكاني فما الملك والأكوان ما البيض ما التقنا وعندي وجوه أسفرت بتهاني وهاتيك منها قد أبحتك سرها فشكرا لمن أولاك حسن بياتي أرى استطعما وصفا على قرية جرى وليس لها والنحو كالميزان صناعته تقضى بأن استتار ما يعود عليه ليس في الإمكان وليس جوابا لا ولا صف أهلها فلا وجه للإضمار والكتمان وهذي ثلاث ما سواها بممكن تعين منها واحد فسباني ورضت بها فكري إلى أن تمحضت به زبدة الأحقاب منذ زمان وإن حياتي في تموج أبحر من العلم في قلبي يمد لساني إلى آخر ما تحمس به وفيه من المناقشة ما فيه وقد اعترض بعضهم بأنه على تقدير كون الجملة صفة للقرية يمكن أن يؤتى بتركيب أخصر مما ذكر بأن يقال : فلما أتيا قرية استطعما أهلها فما الداعي إلى ذكر الأهل أولا على هذا التقدير وأجيب بأنه جيء بالأهل للإشارة إلى أنهم قصدوا بالإتيان في قريتهم وسألوا فمنعوا ولا شك أن هذا أبلغ من اللؤم وأبعد عن صدور جميل في حق أحد منهم فيكون صدور ما صدر من الخضر عليه السلام غريبا جدا ولا يقال : ليكن التركيب كذلك وليكن على الإرادة الأهل تقديرا أو تجوزا كما في قوله تعالى ( واسئل القرية ) لأنا نقول : إن الإتيان ينسب إلى للمكان كأتيت عرفات ولمن فيه كأتيت أهل بغداد فلو لم يذكر كان فيه تفويتا للمقصود وليس ذلك نظير ما ذكر من الآية لامتناع سؤال نفس القرية عادة واختار الشيخ عز الدين الموصلي في جواب الصفدي أن تكرار الأهل والعدول عن استطعماهم إلى ( استطعما أهلها ) للتحقير وهو أحد نكات إقامة الظاهر مقام الضمير وبسط الكلام في ذلك نثرا وقال نظما : سألت لماذا استطعما أهلها أتى عن استطعماهم إن ذاك لشان وفيه اختصار ليس ثم ولم تقف على سبب الرجحان منذ زمان فهاك جوابا رافعا لنقابه يصير به المعنى كرأي عيان إذا ما استوى الحالان في الحكم رجح الضمير وأما حين يختلفان بأن كان في التصريح إظهار حكمة كرفعة شان أو حقارة جاني كمثل أمير المؤمنين يقول ذا وما نحن فيه صرحوا بأمان وهذا على الإيجاز والبسط جاء في جوابي منثورا بحسن بيان وذكر في النثر وجها آخر للعدول وهو ما نقله السبكي ورده وقد ذكر أيضا النيسابوري وهو لعمري كما قال السبكي ويؤل إلى ما ذكر من أن الإظهار للتحقير قول بعض المحققين : إنه للتأكيد المقصود منه زيادة التشنيع وهو وجه وجيه عند كل نبيه ومن ذلك قوله تعالى ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا ) الآية ومثله كثير في الفصيح وقال بعضهم : إن الأهلين متغايران فلذا جيء بهما معا وقولهم : إذا أعيد المذكور أولا معرفة كان الثاني عين الأول غير مطرد وذلك لأن المراد بالأهل الأول البعض إذ في ابتداء دخول القرية لا يتأتى عادة إتيان جميع