بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الموضوع الذي اختار نقله لأنه لن يروي مادة لا تحمل دلالات معاصرة لمشكلات مجتمعه، وهو بدوره يشحن الموضوع المنقول بعدد من العناصر التي تمتّ بصلة لتجربته الشخصية ورؤيته للواقع، وبذلك يصبح المستمع حاملاً لسمات التحول. فهو يستمع لموضوع السيرة لأنه يماثل الأحداث التي يعيشها، من مثل الصراع مع العدو الصليبي. ويكون التماثل الفعلي^(^^)في انتقال المستمع /المتلقي إلى مكان الراوي/ الناقل. وينتج هذا التحول من طرق متنوعة لشحن النص بحصيلة تطور الوعي الاجتماعي واستخلاص الدلالات من حوادث واقعية خارجة على إطار السيرة، وبذلك يقوم الراوي المستمع ـ العامل ـ أ ـ والعامل ـ ب ـ بتعويض طرفي الصراع بما يتفق وحالة التماثل دون المساس بالوحدة الثابتة. كأن يكون التعويض على الشكل التالي مثلاً: [IMAGE: 0x01 graphic] إن حالة التماثل مسؤولة عن فكرة التواصل بين نصٍ السيرة والجمهور. فالثنائية الأساسية في الصراع بين العرب والروم مثلاً تعد بمثابة رسالة للسيرة، تطرح على المتلقي السؤال التالي، كيف استطاع العرب تحقيق النصر على الروم..؟ وهذا سيطرح السؤال الآخر النابع من الوضعية الاجتماعية والعسكرية والسياسية المعاصرة لجمهور السيرة. وهو كيف يمكن الخروج من المأزق الوجودي الذي يعاني منه الناقل والمتلقي؟ أي كيف يمكن التخلص من المغول والصليبيين والمماليك والعثمانيين والفرنسيين والإنكليز والإيطاليين.. إلخ ودون نشوء تلك الأسئلة ومحاولات الإجابة عنها تفقد السيرة مبرر انتشارها أو تناقلها، لأنها فقدت حالة التماثل،ولم تعد تمتلك ثنائية الثابت والمتحول في نصها فتحولت إلى نص ميت. ب ـ الذاكرة الشعبية: هي مخيلة صاهرة^(^^)تستطيع اكتناز الماضي بتجاربه وأحداثه وشخصياته، وعبره المختلفة، ففي سيرة الأميرة تمّ اختزان التاريخ العربي في العصرين، الأموي والعباسي الأول. وفي سيرة عنترة بن شداد تمّ اختزان التاريخ العربي قبل الإسلام. وفي سيرة سيف بن ذي يزن اختلطت العصور التاريخية العربية، وفي سيرة علي الزيبق تجلى تاريخ العصر المملوكي. واختزنت الذاكرة الشعبية، إضافة إلى التاريخ، المعتقدات الشعبية والاجتماعية والقصص الخرافية^(^^)والحكايات الشعبية^(^^)والأساطير. وتشتد أهمية الذاكرة حين تصبح الأداة الأساسية لاستمرار السيرة من جهة. واستيعاب التحولات التاريخية في إطار السيرة من جهة ثانية. إلا أن ذلك لا يتم إلا من خلال العنصر الثالث. ج ـ التناقل الشفوي: ولهذا العنصر دور إبداعي في السيرة وذلك في ضوء الاختيارات ـ الشعورية واللاشعورية ـ التي يقوم بها الناقل بين ما يعده هاماً من الأحداث التاريخية، وما يعده خارجاً عن الأحداث التاريخية التي تهمه، أو تحمل شحناته. وبذلك الدور المبدع تتنوع وظيفة الراوي من محاولة تجميع البنية الأساسية للسيرة، إلى تذكر مختلف العناصر التي تتكون منها، يضاف إليها إدراكه العميق للتحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية في عصره، حيث يتفاعل مع معطيات عصره، ويقوم بعملية تعويض دلالات العناصر المروية بدلالات جديدة معاصرة له. إن لطبيعة العلاقة بين الارتكاز والتماثل خصوصية مرتبطة بطبيعة الواقع الموضوعي الذي أنتجت فيه ملاحمنا الشعبية، وما خلفه ذلك الواقع من سمات طبعت الوعي الاجتماعي والمعرفي والجمالي للمواطن بطابع مميز دفعه إلى استلهام التاريخ. فالتمزق السياسي والاجتماعي والفكري الذي حل بالدولة العربية الإسلامية بعد القرن الثالث الهجري، مهد لسقوط الإمارات العربية الإسلامية تحت سيطرة المغول والصليبيين، ودخول المجتمع العربي بعد ذلك في أشكال من التفسخ تمثلت في بنيتيه الأساسيتين، الاجتماعية والمدنية، نتيجة تدهور الوضعين. الاقتصادي والأمني، ممّا دفع الشعب إلى الدخول في تجمعات اجتماعية واقتصادية وجغرافية. رأى فيها القدرة على حمايته من تهديد الآخر ممثلاً في السلطة واللصوص والحرافيش والشطار والعيارين، كما رأى فيها نهوضاً بذاته من مستنقع