توظیف التراث فی الروایة العربیة المعاصرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

توظیف التراث فی الروایة العربیة المعاصرة - نسخه متنی

محمد ریاض وتار

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

كغزو الفضاء، والثورة التكنولوجية،
والصواريخ العابرة للقارات، والحروب
المدمرة التي أورثت الإنسان شعوراً
بالقلق والتشاؤم. ولم تصمد الرواية
الغربية أمام هذه التحولات التي مسّت
المجتمع والإنسان، فطوّعت شكلها بما
يتناسب وهذه التغيرات، واستسلمت للعبث
والتشاؤم، ونبذت القيم، وكفرت بالزمان،
وحطمت الشخصية الروائية^(^^).
لقد أدى دخول الرواية الغربية في طور
الحداثة Modernism إلى انقطاع الخيط الذي كان
يربط بينها وبين الرواية العربية، وتدل
على ذلك قلة الروايات العربية التي تأثرت
بالرواية الغربية المعاصرة، في مقابل
كثرة الروايات التي اعتمدت التقنية
التقليدية^(^^).
إن التوقف عن تقليد الرواية الغربية جاء
نتيجة وجود روائيين أدركوا أن وظيفة الأدب
إنما هي التعبير عن مشكلات الواقع، ورصد
المتغيرات فيه، لذا أخذوا من تقنيات
الرواية الغربية المعاصرة ما يحقق
للرواية فنيتها، و تركوا ما يخص المجتمع
الغربي، ويتنافى مع طبيعة المجتمع
العربي، فرواية "ذات" لصنع الله إبراهيم -
على سبيل المثال لا الحصر - وظفت تقنيات
روائية غربية حديثة، كاستخدام الأسلوب
السينمائي، والمعلومات الغزيرة، وأقوال
الصحف، وقصاصات الورق^(^^)... ولكن هذه
التقنية المعاصرة لم تمنع الرواية من
التعبير عن مشكلات الواقع الذي ترصده.
لقد استطاعت الرواية العربية خلال فترة
قصيرة لا تكاد تتجاوز القرن الواحد أن
تثبت وجودها، وتنتزع اعتراف الثقافة
الرسمية بها، بعد مواجهة ضارية، ونضال
مرير. إن ما تقدم ليس من قبيل المبالغة، بل
ثمة ما يؤكد النجاح الذي حققته الرواية
العربية كازدياد عدد الروايات المطبوعة،
وازدياد عدد القراء، وترجمة بعضها إلى
لغات أجنبية، وحصول أحد عمالقتها، وهو
نجيب محفوظ، على جائزة نوبل للآداب. وما
كان للرواية العربية أن تحقق ما حققته من
نجاح لولا أنها استطاعت أن تتخلص من هيمنة
الأشكال القصصية القديمة التي كانت شائعة
في الثقافة العربية قبل الاتصال بالغرب،
وان تقطع الحبل السري الذي كان يربطها
بالرواية الغربية التي هيمنت عليها فترة
ليست بقصيرة. وتمثل ظاهرة توظيف التراث
التي ظهرت بشكل واضح في العقود الثلاثة
الأخيرة في عدد من الروايات العربية
الطريقة التي اتبعتها الرواية العربية في
سبيل تحقيق انتمائها إلى الثقافة
العربية، واستقلالها عن الرواية الغربية.
1- بواعث توظيف التراث في الرواية العربية
المعاصرة:
لم يظهر تيار التوجه إلى التراث في
الرواية العربية المعاصرة فجأة، وبلا
مقدمات، بل وقفت وراء وجوده بواعث كثيرة.
وإذا كان من السهولة بمكان معرفة الدوافع
والأسباب التي تؤدي إلى نشوء الظواهر
العلمية، فإن الأمر يبدو في غاية الصعوبة
حين يتم البحث في الإبداع الأدبي. ولذا
ارتأينا أن نتحدث عن البواعث الرئيسة،
ونرجئ الحديث عن البواعث الخاصة إلى حين
دراسة الروايات، موضوع البحث. ويمكن أن
نقسم البواعث الرئيسة أو العامة إلى ثلاثة
بواعث، هي:
أ-البواعث الواقعية:
أدت حرب حزيران 1967، وما تمخض عنها، من
نتائج سلبية إلى خيبة أمل كبيرة، ظلت تحفر
عميقاً في وجدان أبناء الأمة العربية،
ولاسيما المثقفون الذين أدركوا أن
الهزيمة لم تكن عسكرية فحسب، بل كانت
هزيمة حضارية أيضاً، وأن محو آثار
الهزيمة، والنهوض من جديد يتطلبان إعادة
التفكير في البنى الفكرية، والاجتماعية،
والسياسية والاقتصادية، والثقافية
للمجتمع، كما أدرك المثقفون العرب بعد حرب
حزيران أيضاً أن العودة إلى الجذور
ضرورية، ليس من أجل الانغلاق على الذات،
وتقديس الأجداد، وتمجيد الماضي، والحنين
الرومنسي إلى إعادته، بل لمساءلة الذات من
خلال مساءلة الماضي، والوقوف على الخصائص
المميزة، والهوية الخاصة.
لقد استجابت الرواية العربية، بوصفها أحد
مظاهر الثقافة في المجتمع، كما استجابت
مظاهر الثقافات الأخرى، كالشعر والمسرح،
لما فرضته حرب حزيران، من العودة إلى
التراث، ولكن لا يعني هذا أن الرواية
العربية لم تعرف توظيف التراث قبل نكسة
حزيران، بل يعني أن التوجه إلى التراث بعد
النكسة تميز بخصوصية لم تكن معروفة من قبل.
ب-البواعث الفنية:
شكلت طبيعة العلاقة بين الرواية العربية
والرواية الغربية أحد أهم الأسباب التي
دفعت الروائيين في العقود الثلاثة
الأخيرة إلى توظيف التراث كما مر معنا،
وترافق تراجع الرواية الغربية، بوصفها
المثال الأعلى بالنسبة إلى الرواية
العربية، وظهور روايات أخرى تنتمي إلى
أمريكا اللاتينية، واليابان، وأفريقيا...

/ 117