طریق الی الشمس نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

طریق الی الشمس - نسخه متنی

عبد الکریم ناصیف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اثنان من الفلاحين بدأا ينقلان العدل
الذي امتلأ جانباً، الآخرون يشاركون
بالكيل والعد، وكلهم مبتسمون متفائلون.
على البيدر لا يجوز التشاؤم أو أصيب
البيدر بالنحس وضربت الغلة. حسب الفلاحين
التجار الذين يأتون من دمشق وليس في ذهنهم
إلا أن يستغلوهم ويبتزوهم". المد بعشرين
قرشاً"، يقول التاجر الذي لا يشبع وعلى
الفلاح المسكين الذي قضى عاماً بطوله يفلح
ويبذر، يحصد ويرجد، يدرس ويذري، أن يرضى
بالعشرين قرشاً، فيربح التاجر بالمد
الواحد أضعاف ما أعطاه للفلاح……
وحده عزيز الذي كانوا يعرفونه باسم "عزو"
مختلف. هو لا يساوم ولا يريد أن يبتز، يقول
لهم "المد بأربعين قرشاً"… بخمسين"…
معنى ذلك أن سعره هكذا!!.. أربعون… خمسون
قرشاً في سوق الحبوب في دمشق. منذ سبع سنوات
كان قد جاء برفقة صبري البديوي سليل تجار
الحبوب في ذلك المحل الواسع من سوق
الميدان. صبري قال لهم إن أصله من عرب
الرولا وإن صداقة حميمة تربطه به. تلك
الصداقة جعلته شريكاً له وجوالاً يتحرك
باسمه هنا وهناك من قرى حوران. بعدئذ بدأ
يأتي بمفرده فارضاً على الناس احترامه،
محيطاً نفسه بهالة من غموض، كاسباً ثقتهم
شيئاً فشيئاً حتى صار الأثير لديهم لا
يبيعون حبوبهم إلا له"… هذا العام المد
بخمسين قرشاً".. بشرهم حين جاء أول مرة،
وأشرقت وجوههم، فنصف ليرة للمد تعني لهم
الكثير.
ـ صب الشاي لعمك عزو… صب الشاي… صاح
الكيال بابنه الذي جاء بإبريق الشاي
الكبير وحشد من الكؤوس، فيما توقف شبه
لاهث عن كيل القمح..
ـ إن شا الله ماهو حلو؟ قال عزيز مبتسماً
للولد الذي بدأ يصب الشاي.
ـ شاي حوراني وماهو حلو؟ تدخل أحد
الحاضرين ملوحاً برأسه، فيما انفجر الكل
ضاحكين.
عزو يحبها "اكرك عجم" ثقيلة مرة، هكذا قال
لهم منذ أول مرة، ومنذ أول مرة خاب أمله
ومايزال: "ايه" يتأوه دون صوت، وهو يتذكر
كأس "الأكرك عجم"، الذي شربه ذات مرة في
القلمون فكاد ينعقد له لسانه… كانوا إذ
ذاك يستريحون: فوزي القاوقجي، سعيد العاص،
وبعض القياديين في أحد بساتين قارة، وقد
أعدوا القوة اللازمة لقطع الطريق على
الفرنسيين الذاهبين بمصفحاتهم إلى دمشق..
كانت ثورة حماة قد وئدت في المهد، وكان
عزيز قد أوصل "شمساً"، إلى أهلها في
البادية حيث كان الأولاد قد سبقوها ثم عاد
فالتحق بقائده. شهرين ظلوا متمترسين بجبال
القلمون ومعاصيها، يناوشون الفرنساوي
ويهاجمون مخافره وجنوده. كان سعيد العاص
هو قائد المنطقة هناك وكانت مهمته قطع
الطريق على قوات المستعمر وعزل دمشق عن
حمص، فوجد فوزي القاوقجي في القلمون
المكان المناسب للانتقام من عدو أجهض
ثورته الواعدة في حماة.
كان تكتيكهم "اضرب واهرب"… " تفرقوا إذا
اجتمع العدو وتجمعوا إذا افترق"…وكانت
شعاب القلمون ووديانها، جرودها وصخورها،
كفيلة بالتغطية والتمويه.
ضربات سريعة كانوا يضربون، هجمات مفاجئة
وغارات من حيث لا يحتسب العدو، كانوا
يغيرون، وكان لهب الثورة في جبل العرب
يتراقص مضيئاً لهم حلكة الظلام. سلطان
باشا في عرينه يكيل لهم الضربات، وثوار
الغوطة يحيلون الغوطة إلى غابة للأسود.
"إيه!! حياك الله يا سعيد العاص، أيها
القائد الفذ!!"رشف عزيز رشفة سريعة من كأس
الشاي شديد الحلاوة خفيف النكهة، فعادت
إلى ذاكرته نكهة ذلك الشاي الأكرك عجم
الذي أوصى عليه سعيد العاص. هو أيضاً كان
يحب ذلك النوع من الشاي: "يفتح المخ"، كان
يقول: "يقبض على الأعصاب من جذورها، ثم
يشدها فينبهها. "يومذاك كانوا بحاجة لكل
مافيهم من أعصاب وتنبه…. كانوا يكمنون
للقوة الفرنسية في ذلك البستان، وكان
عليهم ألا يغفلوا لحظة واحدة، القوة قد
تصل في أية لحظة… والمفاجأة يجب أن
تكون كاملة….. كأساً كبيرة، كأسين،
ثلاثاً شرب سعيد العاص، فهو يخشى حتى
الاسترخاء…… عزيز شرب كأساً واحدة،
وكانت كافية لأن يظل متنبهاً حتى مطلع
الشمس. كان الشاي أكرك عجم حقيقياًـ طعمه
مايزال تحت أضراسه حتى الليلة… حيث
الناس غير الناس، والمكان غير المكان،
والمناسبة غير المناسبة. عشرة عدول كان
أبو دحدل قد ملأ، وكان لهاثه قد بدأ يعلو
ووتيرة عمله قد خفت فانبرى أخوه يريحه.

/ 184