بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
حوران كرام، لا يصنفون بإعانات تقوم بما ينقص من نفقة المدارسة جميعها كل قرية بقريتها)) ولإثبات مصداقية الرجل، وشغفه بالعلم، وحرصه على بناء اللبنة الأولى لعلها تصبح مثلاً. بادر عندما أصبح صاحب قرار، بعد تعينه قائمقام الطفيلة، إلى إنشاء مدرسة ابتدائية وأخرى رشدية في أقل من عام، وأنشأ مدارس ابتدائية في قرى عيمة وصنفحة وبصيرة وضانا، مثلما قام بتأسيس شركة تجارية برأسمال قدره ألف ريال مجيدي، لغرس أشجار التوت في الطفيلة، التي أنشأ فيها حماماً عاماً أيضاً. كان وضع التعليم المزري في حوران يعتصر قلبه ألماً، وهو يشاهد الإهمال المتعمد ولو لبناء مدرسة واحدة، وإذا ما أُجبرت الإدارة العثمانية على مثل هذا العمل، فإن موظفيها لا يتابعون المهمة. فيكتف الحوراني في 6 ربيع الثاني 1328 هـ 16 نيسان 1910 قائلاً: ((مدرسة تبعد عن دار الحكومة أربعين متراً بنيت لما بنيت دار الحكومة منذ نحو اثنتي عشرة سنة وقد وضعت أخشاب سقفها ولم ينقصها سوى وضع القرميد وهو موجود في دار الحكومة فمالنا بآمر حازم يأمر فقط بوضعه فتصبح مدرسة تنصرف الهمة إلى تلقي العلوم فيها بعد أن أصبحت مأوى للكلاب ومربطاً للدواب وقد انقضت الأموال الطائلة في تشييدها)) كان لمقالات الحوراني تأثير واضح في قرّاء المقتبس يتبدى ذلك في رد ممثل حوران في مجلس المبعوثان سعد الدين المقداد على ما كتبه الرجل في الصحافة بمقالة حملت عنوان ((كتاب مفتوح إلى الأخ الحوراني)) ((أشكرك على تهنئتي بعودتي وجواباً على سؤالكم عما قمنا به لخدمة أهالي حوران في مجلس النواب أقول: قمت بها وأنا العاجز بعدة مواد في هذا الشأن وهي: 1 ـ تقرر لكل من أقضية حوران مدارس وضعت لتعليم الأهالي أمور دينهم. 2 ـ تقرر إنشاء مكاتب ابتدائية للمحال المهمة لقراءة القرآن الشريف والخط والرقوم (الحساب). 3 ـ إصلاح الجسور وتعميرها ورصف الطرق في جميع أنحاء اللواء. 4 ـ تقرر للفلاحة من الآلات الجديدة للحراثة والبذار والحصاد والدرس. 5ـ تقرر فتح آبار ارتوازية في المحال التي لا ماء فيها)) ومن اللافت للنظر أن المقتبس ذيلت المقالة بالسخرية من هذه الوعود الخيالية التي لو نفذت لصارت (حوران من أرقى المعمورة في هذه السنة أي 1909م). أولى الحوراني، شأنه شأن أقرانه من العثمانيين اهتماماً خاصاً بالتعليم الديني، فيشير هنا إلى تقصير الدولة في هذا الجانب من جهة، وإرسالها وعاظ أتراك لا يعرفون لغة السكان، ويتقاضون رواتب باهظة من جهة ثانية. ((ليس في قرى حوران كافة علماء عاملون يعرفون أحام الشريعة معرفة حقيقية ليُفهموا أهلها درجة مخالفة عاداتهم المذكورة لنص الشريعة، فيطبقوها على أحكامها، ويتركون المخالفة ويحافظون على المطابقة.. فلو فكر من بيدهم زمام أمور الأمة في هذا الموضوع، فأرسلوا لهم علماء حقيقيين يفهمونهم قواعد الشريعة الغراء بصورة حقة لا كما أرسلت حكومة الاستبداد وعاظها برواتب باهظة صرفتها لهم مدة سنتين ذهبت أدراج الرياح لأن الوعاظ لم يفيدوا الأهالي بشيء لأنهم لا يعرفون لغتهم)). ولم يترك رفعت الحوراني جانباً من مشاكل الناس وهمومهم إلا وبحثه بحثاً عميقاً، متسلحاً بمعارفه الواسعة ومحاكمته المنطقية ورؤيته المستقبلية. فنراه ويقدم لنا نصاً متوازناً وعميقاً حول خدمات البريد.. إذ يقول: ((يلزم لهذه الخمس مناطق لكل منطقة موظف سيار للبريد يطوف القرى ضمن منطقته خلال خمسة عشر يوماً بالكثير، فيأخذ أهل القرى الرسائل ويضع عليها التمغة (الطابع).. ويضعها في بريد مركزه عند عودته، ويأخذ الرسائل التي ترد مركزه فيوزعها على أهل القرى. أما راتب أولئك الموظفين السيارين الخمسة فهو ثلاثون ألف قرش مسانهة لكل موظف خمسمائة قرش شهري.. فلو أمعنا النظر لوجدنا أن الوارد سيكون أعظم من هذه الرواتب)). ثم يقدم لنا معلومات شاملة ودقيقة حول الثروة الحراجية وأهميتها وما تتعرض له من أخطار باقتلاعها وتحويل أخشابها إلى فحم وأراضيها للزراعة.. ويتحدث عن غياب القانون لحماية الحراج، ومن ثم يعدد مصادر هذه الآلية، وفوائد الحراج فيكتب قائلاً: ((إن احتطاب الحراج يؤثر في المزروعات الحورانية، لأن حوران يُسقى زرعها بماء المطر فقط، فمتى خلص المطر كما يقول العلم.. فإذا قل وارد حبوب حوران فبكم قرش يصبح رطل الخبز في دمشق؟ وكيف يصير حال فقرائها وصناعها والعملة فيها))؟.. ثم يخلص إلى القول ((فالفوائد التي تنتج من كثرة الحراج كثيرة كتحسين الهواء وجلب