بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الإدارية، وآلية معالجته للخارجين على القانون من وجهة نظره وشدته في تطبيق القانون إذا ما كان في صالح الإدارة، فالويل لمن لا يطيع الحكومة، والسلام على من يطيعها ((أما عشائر الطراونة والصرايرة فهم مطيعون للحكومة تماماً وينفذون جميع أوامرها)) وهاهو ينحاز بشكل صارخ إلى الإدارة. وفي مواجهة رافضي أوامر الحكومة، والتي هي بشكل عام تنطوي على ظلم السكان نراه يقول: ((... أما مضارب المجالي فقد حُرق قسم منها وجئ إلى الكرك بالقسم الآخر وغير معلوم لدينا الجهة التي فرّ إليها رفيفان المجالي وأعوانه)). ولتوضيح سبب هذا الموقف لابد من الإشارة إلى ثورة الكرك على الاتحاديين التي اشتعلت في وجه سامي باشا أثناء حملته على الجبل وحوران عامة. والتي لم يشترك (( في إشعال نارها سوى زعماء عائلة المجالي وزعماء عشائر نفس قضاء الكرك.)) وبحق كان الرجل داعية للإصلاح يشخّص الواقع يظهر المفاسد ببصيرته النافذة وعقله الراجح، فيدرك خطورة ذلك على بلده وشعبه فينتقل إلى تحديد العلاج وسبيل الخلاص بحلول كان يراها ناجحة. إضافة إلى ذلك كان ينادي بمقاومة الفساد والاستبداد وهما من ثمار العهد السابق قبل 1908م حيث لم يكن بالإمكان الإفصاح عن الرأي الصريح خوفاً من طغي وبغي رجاله المستبدين. وفي هذا السياق كتبت صحيفة المقتبس تحت عنوان المؤلمات الحورانية ما يلي: 1 ـ يؤلمني استبداد مشايخ الحوارنة والبدو بشعبهم ويفعلون كيفما شاؤوا كما كان يفعل عبد الحميد في الأمة. 2 ـ يؤلمني حرمان حوران من المكاتب الابتدائية والرشدية. 3 ـ يؤلمني عدم إصلاح حوران وإدخالها في المساواة مع الجامعة العثمانية. 3 ـ دعوته الصريحة للعقلانية المستمدة من صميم الواقع. يسهب رفعت الحوراني في الحديث عن العادات والتقاليد ولم يقف عند حد الوصف الذي تراه دقيقاً وشاملاً فحسب، بل وينتقد منه ما لا يجاري روح العصر والتطور ويدعو إلى رفضه فيتحدث عن الزواج مثلاً في أقضية حوران، درعا، السويداء، القنيطرة وعجلون والبادية وعن المهر ومقداره، وجهاز العروس وطريقة الزواج، ويفصّل في ذلك لدى سكان البادية قبيلة قبيلة وسكان السهل والجبل والتركمان والشركس... الخ. ويوضح لنا موقفه من المهر، فيقول: ((اعتاد الحوارنة أن لا يزوجوا بناتهم إلاَّ بمبلغ من 5 إلى عشرة آلاف قرش وهذا المبلغ يأخذه الوالد والأخ أو عم البنت فلا يعطيها منه إلا مبلغاً زهيداً والباقي يأخذه ظلماً وعدواناً)) ويردف قائلاً أنهم ((أن لا يعطوا إرثاً إلى الأنثى من دار وأرض أو ملك أبيها وأخيها إذ كانت ذات زوج فإن لم يكن لها زوج فتعيش في دار أبيها أو أخيها أو عمها، وليس لها حق بأن تكون صاحبة أرض أو ملك بتة)). ولعل الإحاطة التي يقدمها لنا حول موضوع المرأة زواجاً وميراثاً، خير دليل على عمق رؤيته الإنسانية والنهوضة لتلك العلاقات، التي لابد لها من الإصلاح.. فلنسمع ما يقول في هذا الأمر: ((ولو مات أبوها وأخوها وعمها، وكانت شرعاً ترثهم، فالحوارنة لا يورثونها البتة ما دام من أهل هذا الدار ذكر ولو كان بعيداً منذ أربعة أجداد فهو يحرمها الإرث بحسب عاداتهم..)) ثم يعرج على المبادلة بالزواج.. دون مهر. يستطيع القارئ أن يتلمس فهم رفعت الحوراني لما نسميه اليوم المسألة السكانية لجهة دور السكان في التنمية والتطور، فبعد أن يحدد لنا عدد سكان حوران في عام 1910 بنحو 238 ألف نسمة. منها 188 ألف مسلم سني و47 ألف درزي، وتسعة آلاف مسيحي يقول في هذا الإطار: ((يدلنا التاريخ على أن حوران كانت تضم الملايين من النفوس في زمن العرب والرومانيين.. وقد كانت عامرة، فإذا بسط الأمن في قراها وفيافيها وضواحيها لا يمر عليها نصف قرن حتى يصبح عدد نفوسها مليوناً لأنها تقتصد في كل عام نفوساً وافرة يقتل بعضها بعضاً بسائق الجهالة والعادات القديمة البربرية مثل أخذ الثأر والغزو والهجوم على بعضهم بعضاً أفراداً وجماعات، فلم يمض عليها بضعة قرون حتى تعود لما كانت عليه من العمران والغنى والسعادة فحينئذ يتصل عمران حوران بالحجاز وبالعراق)). كان الحوراني يقرأ الماضي، وينتقد الحاضر الذي هو في كثير من الأحيان يشبه الماضي، إن لم يكن عنواناً له. ولعله كان ينفذ بنظرته الثاقبة، إلى تشخيص الجوانب السيئة في الماضي، والتي تمتد إلى الحاضر، ولا يحمل المسؤولية كلها للسكان، بل يرى أن الدولة ومؤسساتها، تتحمل قسطاً كبيراً منها. يقول الحوراني في مقالة كتبها