عنصرية قوانين الطوارئ
استغلت إسرائيل قوانين الطوارئ التي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين لتطبقها على العرب واليهود، وطبقتها فقط على العرب لكونهم عرباً، على الرغم من أنهم من مواطنيها. ولم تطبقها على اليهود لكونهم يهوداً.
وفرضت بموجبها الحكم العسكري على الأقلية العربية فيها في مناطق الجليل والمثلث والنقب. وطبقتها بشكل أقسى وأعنف بكثير مما كانت تطبقه بريطانيا على اليهود والعرب.
وتسلب قوانين الطوارئ المواطن العربي الحقوق الأساسية للإنسان وحتى حقه في أملاكه، في أراضيه وممتلكاته، وتشكل خطراً دائماً على حريته وحياته وأملاكه.عارض اليهود إبان الاحتلال البريطاني قوانين الطوارئ واحتجوا عليها. ووصفها المحامي اليهودي شابيرا (تولى وزارة العدل بعد تأسيس إسرائيل) في السابع من شباط عام 1946 وقال عنها."إنَّ هذا القانون (قانون الطوارئ) لم يسبق لـه مثيل في الدول المتحضرة، حتى في ألمانيا النازية لا وجود لقانون مماثل"(1).وعبّر عنها مؤتمر المحامين اليهود الذي انعقد في تل أبيب بتاريخ 7/2/1946 أصدق تعبير في قراراته التي ورد فيها: "إن الصلاحيات التي منحت للسلطات حسب قوانين الطوارئ تسلب المواطن الحقوق الأساسية للإنسان. إن هذه القوانين تهدم القانون والقضاء وتشكل خطراً شديداً على حرية الفرد وحياته، وتقيم نظام عنف، دون أية رقابة قضائية"(2).طبقت إسرائيل قوانين الطوارئ التي استنكرها وأدانها المحامون اليهود على العرب ودون اليهود، مما يجعل لها طابعاً عنصرياً ويدمغها بالعنصرية والتمييز العنصري.تتألف قوانين الطوارئ والتي تعرف بقوانين الحكم العسكري من (170) مادة مقسمة إلى (15) فصلاً. وتفرض المادتان 109 و 110 على العرب القيود المحدودة التي تتعلق بالعمل والسكن والإقامة. فيسكن المواطن العربي في إسرائيل في المنطقة التي يحددها الأمر العسكري، ولا يُسمح لـه بتغيير السكن أو مغادرة المدينة أو القرية من دون تصريح خطي.وتخوِّل المادة (111) الحاكم العسكري الإسرائيلي اعتقال أي شخص ودون محاكمة مدة طويلة من الزمن، وكانت المدة غير محددة في الماضي، أي أنه كان بإمكان إسرائيل أن تعتقل أي شخص مدى الحياة، ولكنها حددتها فيما بعد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بمدة ستة أشهر دون تقديمه للمحاكمة. وتمنح المادة (112) الحاكم العسكري الإسرائيلي حقَّ نفي أو طرد أي عربي خارج البلاد ومنعه من العودة إليها. وبموجب المادة (119) تصادر إسرائيل أو تهدم أملاك أي عربي إذا أطلق رصاصة أو ألقى حجراً أو قنبلة على الجيش أو الشرطة أو المستعمرين اليهود.وتبيح المادة (121) لوزير الحرب الإسرائيلي مصادرة أملاك مَنْ تثبت مخالفته لقوانين الحكم العسكري ويحق للحاكم العسكري، بموجب المادة (124) أن يفرض منع التجول الشامل أو الجزئي على حي أو مدينة أو الضفة الغربية وقطاع غزة ويحدد مداها ومدتها.وتعتبر المادة (125) من أخطر مواد قوانين الطوارئ أو الحاكم العسكري إذ بموجبها يسمح للحاكم العسكري الإسرائيلي الإعلان عن منطقة مغلقة لأسباب أمنية، فيمنع أصحابها العرب من زراعتها، وذلك مقدمة لمصادرتها وتهويدها وبناء المستعمرات والمزارع اليهودية عليها.يقول شيمون بيرس، سفاح قانا عن أهمية المادة 125 للهجرة اليهودية والاستعمار الاستيطاني ما يلي: "إن تطبيق القانون رقم 125 الذي اعتمد عليه في تشكيل الحكم العسكري هو استمرارية مباشرة للنضال في سبيل الهجرة والاستيطان اليهودي"(3).واستخدمت إسرائيل قوانين الطوارئ (الحكم العسكري) الذي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني للمحافظة على الاستعمار البريطاني لفلسطين العربية لمصادرة الأراضي والممتلكات العربية وتهويدها، وللتضييق على العرب وعلى حياتهم وعملهم وتعليمهم للحيلولة دون تطور المجتمع الفلسطيني والإنسان الفلسطيني كمقدمة لترحيله من وطنه فلسطين.وصف د.إسرائيل شاهاك قسوة ووحشية إسرائيل في تطبيق قوانين الحكم العسكري على العرب مقارنة مع تطبيق بريطانيا لها قائلاً:"إن بريطانيا لم تنسف بيت إرهابي يهودي، مثلاً بيت يائير استير (زعيم عصابة شتيرن) حيث كان يختبئ، وحيث قُتِل من قبل الإنكليز، فإن بيته لا يزال قائماً حتى الآن في تل أبيب"(4).وتسجن إسرائيل أي مواطن عربي دون توجيه أي تهمة إليه بحجة "أمن إسرائيل"، ولا يمكن للسجين العربي أن يلجأ إلى المحاكم