نور الدين الهاشميالــدوران فـي قـاع الـزمان* قصص *من منشورات اتحاد الكتاب العربدمشق - 2001حين أشرقت الشمسقال الملك: هنيئاً لرعيتي ما زلتُ على قيد الحياة.قال المرابي: اقترب اليوم الذي سأحطَم فيه عنق مديني .قالت الحامل: اقترب اليوم الذي سأرى فيه وليدي قال الحارس: لا يهمّني من سأحرس هذا اليوم ما دمت سأنال أجري منه آخر النهار.قال التاجر: السماء قاحلة زرقاء مخازني متخمة الربح وفير حجٌّ وعروس شكراً أيتها السماء.قال العبد: يومٌ آخر سيمضي كبقية الأيام التي مضت.قال الشاب: اقترب اليوم الذي سآخذ فيه مفتاح البيت.قالت الأم: لا تنسَ أبداً يا بنيّ أنك كنت قطعةً من لحمي.قال العاشق: سيكون أجمل الأيام إذا لمحت وجه مَنْ أحب.قال الجائع: سيكون أطول الأيام إذا بقيتُ دون طعام.قالت شجيرة الياسمين: لقد أبدعْتُ نجوماً بيضاء فهل سيراها العابرون المتعبون؟قال الكاتب: قلتُ ما شاؤوا فهل سأقول اليوم ما أشاء؟قالت الشمس: ضيائي يغمر الكون متى تخرجون من الكهوف وتطردون حراس الظلام؟وقالت: إنْ لم تفعلوا فسأشرق يوماً على أطلال مدن لا تعبرها سوى الرياح.
القصص الجميلة
بُعيد منتصف الليل غفا أطفالي وزرّ عذاب النهار عيون زوجتي فانسحبت تحلم بنهار لا تعب فيه ولا إرهاق تفتّح برعم القصة يدغدغ شِغاف الروح أمسكتُ بالقلم الظامئ تردّد قليلاً ثم سال حبره يعانق حنايا الكلمات. فجأة سمعت دقّات عميقة على الباب تلاطم صداها في كهوف الروح فتحت الباب كان ملاك الموت منتصباً بقامته الحجرّية لم أسأله ماذا يريد بل همست متوسلاً -أرجوك أيها الموت أمهلْني حتى الصباح لأني أريد أن أكمل قصتي -دُهِشتُ حين أدار لي الموت ظهره ثم توارى في الظلام.عند بزوغ الفجر تسلّل ملاك الموت إلى غرفتي مع خيوط النور التي استراح بعضها على طاولتي كنت مُطفأ وثمة وريقات غضّة الحبر تناثرت والقلم قربها ما زال يختلج برعشة الخلق رفعت رأسي وهمست كظامئ انتزعوا منه كأس الماء قبل أن يبلّل شفاهه -أنا جاهز أيها الموت لقد انتهت حكايتي.-لم يجبني كانت عيونه عالقة بقصتي وخُيّل إليّ أنهما تتوهجان، كما لمحت طيف ابتسامة ترفّ على ثغره مغامراً فيها بكل سمعته توقف عن القراءة وسمعته يقول لي وهو يغادر -لن أعود إليك أبداً ما دمت تكتب قصصاً جميلة