بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الشعب الفلسطيني؛ وذلك تحت ذريعة حماية أو تحقيق المصالح الوطنية، هذه المصالح التي عادة ما تخضع لتكتيكات تنتهجها الدول من أجل بلوغ الأهداف المسماة وطنية, اعتبرها الإمام الخميني (رحمه الله) متنافية مع القضية الساطعة الحقّانية وهي قضية فلسطين, وها هو الإمام الخميني (رحمه الله) نفسه لم يلتفت إلى مصالح إيران في هذه المسألة طالما أنها مبدئية وجلية ولا يمكن إخضاعها أو إدخالها في ترهات المصالح التكتيكية, التي يمكن أن تخضع لها القضايا الجزئية الهادفة إلى تحصيل المكاسب الفضلى بحسب طبيعة كل قضية، إنما هنا فيما يتعلق بفلسطين لا مجال للمجاملة ولا لإنصاف الحلول ولا للطروحات المجتزأة هنا: يجب أن يتمّ طرد الاحتلال وتحرير فلسطين وإزالة «إسرائيل» من الوجود مهما كانت التضحيات ومن دون الالتفات إلى العواقب، فعند الإمام الخميني (رحمه الله) نفس وجود «إسرائيل» في هذا المكان من العالم الإسلامي يعني الهوان لهذه الأمة, فإذا قامت ونهضت ولم تقدر على أن تفعل شيئاً وضحت بنفسها فلا ضير؛ طالما أنها محكومة بالفناء على كل حال، كيف وأن الأمور مختلفة تماماً فهناك الإمكانية الكبيرة لتحقيق هدف التحرير، فلو قام جزء من الأمة بمسؤولية وواجب الجهاد، فهناك وعد الهي محسوم بأنّ الله ينصر من ينصره, وأن الله يدافع عن الذين امنوا وأن الله يخزي الكافرين..إذاً أضحت فلسطين وقضية تحريرها الأولوية الأولى بعد سقوط الشاه؛ لِمْا لها من تأثير في واقع الأمة وفي مستقبلها، وقد عمل الإمام الخميني (رحمه الله) على تجاوز كل العوائق النفسية الذاتية وتلك المصطنعة من قِبَل الاستكبار تهويلاً وتهديداً وافساداً والتي تحرف الشعوب عن قضايا أمتهم الأساسية، وعاش الإمام الخميني (رحمه الله) حياته يرمق فلسطين، وفي قلبه حنين دائم إلى تلك الربوع وشوق للوصول اليها, بعد اقتلاع الأشواك وثني المسافات, واجتياز السدود؛ ليتمسّح الإمام بالعتبات المقدسة التي وطأتها أقدام آلاف الأطهار من النبيين والوصيين..لقد كانت إيران تخوض الحرب المفروضة عليها وتتحدى العالم المستكبر، وكانت الظروف صعبة وقاسية، لكن الإمام كان يشاهد من أتون الحرب حرارة الأسى الذي يعتصر قلب فلسطين، وكان يقول: إنّ البصرة هي طريق العبور إلى فلسطين، لم يكن العراق هدفاً للحرب، بل كان تقريب المسافة إلى فلسطين هو هدف الإمام (رحمه الله).كما أنّ الإمام الخميني (رحمه الله) وجّه الشباب اللبناني المؤمن لقتال الجيش المحتل, ولم تكن الأهداف التي حددها الإمام ترتبط بإخراج الاحتلال وطرده, وإنما كان تحرير فلسطين هو الأمل الذي يراود عينيه ويكحلها، ومنذ ذلك الحين كان الشعار الذي طرحه الإمام وما زال مدوياً: بأنه يجب أن تزول «إسرائيل» من الوجود، في ذلك الزمن حيث كان هذا الشعار ضرباً من الوهم أو نوعاً من الكهانة أو إغراقاً للأمة في المصير المجهول أو دفعاً للشباب إلى الانتحار من خلال تحدي المستحيل، كان الإمام يؤكّده وكأنه هدف سهل المنال قريب المسافة, بالرغم من الحالة التي كانت الأمة تعيشها، الضعف والتشرذم والانقسام والتبعية والاستغراق في المصالح الذاتية, ونسيان أو تناسي القضايا المصيرية للأمة، وبالرغم من انشغال إيران ومعها الإمام (رحمه الله) بالحرب المفروضة التي شنّها الاستكبار لإسقاط ثورتها وضرب نهضتها الإسلامية، وكان الجزء الأكبر من لبنان محتلاً، وكانت الأنظمة تتهاوى الواحدة تلو الاخرى في مستنقع الخيانة والاستسلام، في هذه الأجواء الحالكة التي كاد ينعدم فيها بصيص النور, أشعل الإمام الخميني (رحمه الله) ذلك السراج الذي بدأ للوهلة الأولى غير قابل للحياة والديمومة؛ بفعل الرياح العاصفة العاتية المانعة من وصول الزيت إلى الفتيل، إلا أنّ هذا السراج أُشعل بِيَد ربّانية يمدّها زيت من عالم الغيب؛ مما جعله أقوى من كل رياح العالم وكل عواصف الدنيا وأهلها، فاستمر السراج وتلاشت الرياح بالتدريج، بل إنّ وهج السراج تعالى وتصاعد وأضحى أكثر قدرة على الإضاءة في المدى الأوسع في حياة الأمة, فكان تحرير لبنان الذي تحقق بفعل التكليف الذي حدده وأطلقه الإمام الخميني قبل عدة عقود من الزمن، وكانت الانتفاضة على وقع انتصار التكليف الشرعي, الذي يحمل إسم الإمام الخميني فباتت الصلة وثيقة بين ما يجري في فلسطين وبين الفكر والرؤى التي بثّها الإمام (رحمه الله), في هذه الأمة، وسوف تنمو وتتضخم بركات ذلك النهج والفكر والخط الذي صاغه الإمام الخميني لينبت في ربوع فلسطين