عبد الله الندیم سیرة عطرة و حیاة حافلة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عبد الله الندیم سیرة عطرة و حیاة حافلة - نسخه متنی

نزیه حمزة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وعندما اقتنع توفيق ولو مؤقتاً بصحة وجهة
نظرهم أبلغ الباب العالي في الآستانة
بضرورة منع العدوان المتوقع على مصر
فأرسلت حكومة السلطان إلى كل من فرنسا
وبريطانيا مذكرة جاء فيها إن الدولة
التركية لا ترى مسوغاً لهما بإرسال مذكرة
كهذه //لأن مصر جزء من أملاك الحضرة
السلطانية وهذا خرق صريح للاتفاقات
الدولية وتدخل في شؤونها//(26).
أقرت حكومة البارودي الوطنية حقّ مجلس
النواب في معالجة القضايا المالية واندفع
الشعب يؤيدها وفي ذلك بدت الحركة الوطنية
في مظاهر التأييد هذه تياراً شعبياً
عارماً ليس في مقدور أحد أن يتجاهله.
في هذه الظروف تعرّض أحمد عرابي وبعض
أعوانه من الضباط العرب لمحاولة اغتيال
فاشلة أحيل على أثرها أربعون ضابطاً
للمحاكمة وفي العشرين من نيسان عام 1882 كان
عثمان رفقي وزير الحربية السابق على
رأسهم، وعندما صدر الحكم عليهم بالنفي إلى
السودان لجأ الخديوي إلى تخفيف العقوبة
عنهم وسمح لهم بالذهاب إلى الآستانة مع
الاحتفاظ برتبهم ورواتبهم وهناك أكرمهم
السلطان وأسكنهم أحد القصور ثم طلب أحد
ملفاتهم كي يعيد النظر فيها.
اعتبر مجلس الوزراء المصري موقف السلطان
تدخلاً في شؤون داخلية كان الخديوي وراءه
فرفضه المجلس وقرر مقاومة كل تدخل من
السلطان ولو كان ذلك بالقوة، ثم سرعان ما
قطع الوزراء علاقتهم بالخديوي الذي قطعت
الآستانة علاقتها به أيضاً لعدم سيطرته
على وزرائه وبذلك تكون الطريق قد أصبحت
معبدة أمامه إلى الإنكليز فسلكها وبدأ
يطلب المساعدة منهم وأخذ يلح في ذلك عندما
سرت شائعات في الشارع المصري تتحدث عن نية
الحركة الوطنية بخلعه عن العرش.
في الحال وبعد اتصالات بين فرنسا
وبريطانيا قررت الدولتان إرسال أسطول إلى
مصر لحماية الخديوي وحاشيته فأخذ الأسطول
طريقه ووصلت البوارج الحربية إلى ميناء
الإسكندرية بالإضافة إلى دول أوربية
أرسلت هي الأخرى بوارج حربية بحجة حماية
رعاياها، وبعد أن استكمل الحشد العسكري
طلبت فرنسا وبريطانيا استقالة حكومة
البارودي وإخراج عرابي من البلاد ووضع عبد
العال حلمي وعلي فهمي تحت الإقامة الجبرية
ثم دعتا إلى تسريح الجيش المصري.
التف الشعب حول حركته الوطنية يؤازرها
ويؤيدها وقابل التدخل العسكري بالتظاهرات
الصاخبة والاستنكار الصارخ وبرز عرابي
منقذاً وطنياً شامخاً ثابتاً وأدرك
الوطنيون أن حماية ترابهم تقع على عاتقهم
وحدهم، فرفضوا مطالب الدولتين وأبلغوا
الخديوي بذلك وأخذوا يدعونه لمؤازرتهم في
موقفهم هذا غير أنه كان قد قطع ثلثي الطريق
باتجاه الإنكليز وقال: لقد وعد الدولتين
بموافقته على ما تريدان وليس في مقدوره أن
يتراجع.
في هذه الظروف الحرجة واجهت الحركة
الوطنية انقساماً آخر في صفوفها بين
قيادتها السياسية، فقد انحاز محمد سلطان
وأعوانه من الإقطاعيين وكبار الملاكين
إلى جانب الخديوي وطلبوا من النواب الحكمة
والروية ثم تلا ذلك استقالة البارودي
المفاجئة من رئاسة الوزراء //فارتكب بذلك
إثماً يعيبه أشد العيب//(27) وبذلك تكون
البلاد قد خضعت لحكم الخديوي المطلق.
قبل عرابي أن يظل وزيراً للحربية
وللبحرية في وزارة راغب باشا الجديدة
وقدّم الوزراء برنامجاً سياسياً يكفل
للبلاد //الهدوء والسكينة ويرضي المواطنين
ويضمن حقوق الأجانب المالية//(28)، وبجفاء
قابل الإنكليز هذه الوزارة //لأنها وزارة
في يد الحزب العسكري//(29) وبعد ذلك بثلاثة
أيام عقد في الآستانة مؤتمر دولي لمعالجة
المسألة المصرية تقرر فيه تقديم العون إلى
الخديوي ليعيد الأمن إلى البلاد عند ذلك
ردّت الحركة الوطنية بضرورة خلع الخديوي
عن العرش لأنه استسلم إلى الأجانب وخاصة
عندما انتقل إلى الإسكندرية ليكون على
مقربة من الأسطول الإنكليزي.
بدأت البلاد تدخل في ظروف الحرب فقد اكتمل
الزحف الأوربي واحتوت الدول الأوربية
السلطان والخديوي، ومرة أخرى وجدت الحركة
الوطنية نفسها وحيدة على الأرض بزعامة
أحمد عرابي، وانسل من صفوفها كل من تتفق
مصالحه مع مصالح الإنكليز من ذوي الاتجاه
الانتهازي وممن وقعوا تحت تأثير الرشاوى
والتهديدات التي بدأت تفتك بالنفوس،
فتنكر أولئك لمبادئهم ووعودهم التي
جاهروا بها وها هم الآن عازفون عنها.
عكف عرابي على تهيئة البلاد لحرب قادمة
فشرع في تحصين الموانئ وترميمها ثم وزع
السلاح واستنفر الشعب والجيش، عند ذلك طلب
الإنكليز إيقاف المظاهر العسكرية وعندما
رفض عرابي بدأ القصف الإنكليزي وفي الوقت
الذي كان الوطنيون يرون أنفسهم أسياداً
على أرضهم كان الخديوي يقول //لتحرق
الإسكندرية، حرب بحرب على رأس عرابي ورؤوس
أولاد الكلب الفلاحين//(30).

/ 47