المخلِّص في سِفر إشعياء
معروف عبد المجيد العناوين
فكرة الخلاص في التراث الانسانىالمخلّص في الكتب المقدسة
خصوصيات «سفر إشعياء»
«سفر إشعياء» و النصوص الاسلامية
نماذج و أدلة
مفهوم الخلاص فى الفكر اليهودى
من هو «المخلّص» في «سفر إشعياء»
مفهوم الخلاص فى الفكر التوراة
استنتاج و استدلال
المخلّص الدّجّال في التاريخ اليهودي
(بعد الاسلام)
«سفر إشعياء» و التحريف
تنويه
المصادر
فكرة الخلاص فى التراث الاسلامىعاشت البشرية دائما فكرة (المخلّص) الذي
يأتي على جناح الصبح، فيحقق آمالها و
أحلامها، و ينتشلها من بين أنواء الشقاء
الى شاطئ اخضر مشرق تطلع عليه شمس السعادة
و الطمأنينة و الرخاء.
و لقد عبّرت الانسانية عن هذا الحلم
الموعود و الأمل المنشود في تراثها و
نتاجها الأدبي و الثقافي، بل و زخرت به
اساطيرها القديمة.
و الواقع أن المتتبع لفكرة الخلاص و
المخلّص في التراث الانساني سيجدلها
جذورا ضاربة في التاريخ حتى عند الشعوب و
الأمم الوثنية، مما بوسعه اضاءة هذا البعد
المهم في العقل البشري وا لحضارة
الانسانية.
ولأنّ آداب الشعوب تعبّر عن آمالها و
تطلعاتها فقد تفتق الكثير من النتاج
الأدبي عن هذا الحلم العظيم الذي كان و ما
زال يراود البشرية و تعلق عليه آمالها في
المستقبل المضيء الزاهر.
فقبل الميلاد، حاول الفيلسوف اليوناني
المعروف افلاطون (427ـ347 ق.م) أن يرسم ملامح
هذا الحلم الوردي في مؤلفه الشهير
(الجمهورية).
و بعد الميلاد، تحدث الطبيب و المنجم
الفرنسي اليهودي نوستراداموس صراحة في
مؤلفه البارز (المئويات) عن (المخلص) الذي
أفاد منه الغرب كثيرا في صراعاته السياسية
و العسكرية، و مع أن (نوستراداموس هذا، 1503 ـ
1566) كان يهوديا، إلا أنه وظف التراث
الاسلامي جنبا إلى جنب التراث اليهودي في
التعبير عن هذا الحلم الذهبي في مستقبل
البشرية.
بل إن الكاتب و المسرحي الفرنسي (صمويل
بيكيت) عبّر في مسرحيته المعروفة (في
انتظار غودو) عن هذا الأهل المنتظر الذي
يعول عليه الانسان في خلاصه من البؤس و
الشقاء و الصراع و الوصول به إلى فجر الأمل
الساطع.
و إذا كان هذا هو شأنَ الأدب و التراث غير
الاسلامي ـ هو ما لم نذكر سوى نتف منه ـ فان
حظ الأدب الاسلامي لو فير في هذا المضمار ـ
و لاسيما ما استفاد منه من التراث ـ
ابتداءًا من (المدينة الفاضلة) ـ التي يمكن
أن تعدّ اثرا أدبيا ـ إلى ما أُبدع حول
(المهدي المنتظر) من قصص و روايات و اشعار
من اليسير العودة إليها في مظانّها
الكثيرة.
المخلّص فى الكتب المقدسة
و امّا التاريخ العقائدي للبشرية، فقد
حفل بالكثير حول فكرة (المخلّص) منذ الرحلة
الأولى لجبرائيل عليه السلام بين السماء و
الأرض قائما بمهمة الوحي.
و قد تكفلت الكتب السماوية ـ حتى ما طاله
التحريف منها ـ ببيان هذا الأمر. و الناظر
في (الكتاب المقدس) بعهديه القديم و
الجديد، أي (التوراة، و الانجيل) وكذلك في
(الأوستا)، و على رأس الجميع (القرآن
الكريم) الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه
و لا من خلفه، سيقف على الكثير من الكلمات،
و الفقرات، و الجمل، و الآيات، التي تحلق
بالانسان من أرض الحاضر المظلم بالجور و
الظلم إلى آفاق المستقبل المنير بمشعل
القسط و العدل. و لأن موضوعنا يحمل عنوان
(المخلّص في سفر إشَعْيَاء) فسوف نُقصر
البحث على هذا الجانب في (التوراة) التي
تحمل نصوصها الكثير بهذا الصدد، و لاسيما
في قسميها (الأنبياء و الكتب) أو (نبيئيم ـ
و ـ كتوبيم) و بالأحدى (نقـ.ـيئيم ـ و ـ
كتوقـ.ـيم) الذين يعبران عن نبوءات و رؤى و
يمثلان الشطر الأكبر من (العهد القديم). و
أبرز ما في هذين القسمين من التوراة (سفر
إشَعْياء) الذي يبدو مكرّسا في مجمله لرسم
مشاهد المستقبل انطلاقا من مظاهر الماضي و
الحاضر التي خيبت آمال الانسان.
خصوصيات سفر إشَعياء
يتكون (سفر إشَعْياء) ـ و الذي ينطقه البعض(اشعيا) ـ من (ستة و ستين إصحاحا) و يتوسط
سفري (نشيد الأنشاد) و (إرميا). و قد وُظفت
نصوصه باجمعها لتبيان (رؤيا) رآها (إشعياء
بن آموص) الذي يُقدّر بأنه عاش في القرن
الثامن قبل الميلاد، و يُعرف بأنه احد