بسم اللَّه الرحمن الرحيمالمرأة ظُلمت من الجاهلية الأولى، وتُظلم من الجاهلية الحاضرة، وبين تفريط الأولى، وإفراط الثانية، عاشت المرأة في ظُلم وظلام. ظلام يحاول أن ينسيها قيمتها ويعمي عليها إنسانيتها، ومن لم يعرف نفسه لا يرتقي، ومن يجهل قيمته لا يتطوّر. فالمطلوب من المرأة أن تواجه ذلك وتكتشف نفسها، ولا تخطىء في التشخيص والعلاج، وإلا تردّت وفسدت، وأفسدت معها المجتمع. فصلاحها صلاح للمجتمع، وفسادها فساد للمجتمع، وكمالها العقلي والروحي والحياتي، سينعكس حتماً على المجتمع، كونها جزءاً مهماً فاعلاً، فهي نصف المجتمع، فلا بد من أخذها الدور الذي خُلقت لأجله. والمرأة ليست رجلاً، وإن كانت تشاركه في الكثير، كما أن الرجل ليس امرأة وإن كان يشاركها في الكثير؛ فعلى كلٍّ منهما معرفة خصوصياته ليتكاملا ويتعاونا على بناء الحياة. قصة المرأة وظلامتها وما ينبغي أن تكون عليه، يتحدَّث عنها سماحة القائد الإمام الخامنئي دام ظله، بتوجيهاته الإسلامية الحكيمة، وإرشاداته السديدة، فهو الإمام والحكيم، والشمس المضيئة، في ظلمات المرأة كما الرجل. نترككم مع توجيهاته، ونتمنّى لكم ولكُنَّ التوفيق.هيئة التأليف والنشرمركز الإمام الخميني رحمه الله
الفصل الأول ـ أهميَّة قضية المرأة
لقد أكد سماحة الإمام الخامنئي دام ظله على أهميَّة موضوع المرأة لما للمرأة من دور خطير إذا أُهمِل أدّى بالمجتمع إلى الفساد والضياع والإنحلال، وإذا أعطي حقه ودوره الذي خُلق له، كان له الإيجابية البنّاءة على تطور المجتمع روحياً وعقلياً ومادّياً. فالمرأة والرجل شريكان في هذه الحياة، وعلى كلٍّ منهما أن يقوم بدوره وأن يأخذ حقه ويعطي الحقّ للاخر. فتعطيل النساء وهنَّ نصف المجتمع أو ظلمهنَّ، سيؤدي إلى شلِّ عنصر مهم من عناصر المجتمع، وبذلك يتأخر المجتمع ويتقهقر إلى الوراء. يقول الإمام دام ظله: »... مسألة المرأة هي مسألة مهمة جداً، وجدّية جداً، ومؤثرة كثيراً في وضع المستقبل.ورغم البحوث والدراسات الكثيرة التي جرت خلال هذه الأعوام حول مسألة المرأة في الجمهورية الإسلامية، وحول المرأة الإيرانية، والمرأة في نظر الإسلام، وخاصة أحاديث الإمام رحمه الله الذي تبين أنه كان يهتم بقضية المرأة اهتماماً خاصاً، ويدافع عنها. لكن ما تزال هناك أعمال كثيرة لم تؤدِّ، بل إن ما أُدي منها فهو قليل...«. ولقد اهتم القران الكريم بالمرأة أيّما اهتمام، إلى الحدِّ الذي أنزلت فيه سورة طويلة مسمَّاة باسم »النساء«. وهذا ما يدل على خطورة العنصر النسائي في المجتمع الإنساني؛ وعلى اهتمام الإسلام بهذا العنصر والالتفات إلى قضاياه. ورغم هذه الأهميَّة لهذا العنصر، إلا أن التاريخ والحاضر قد ظلمها ولم يلتفت إلى خطورة دورها، ذلك أن المجتمع في العصور القديمة وما يزال، رغم تطور الحياة الفكرية لدى البشر، لا ينظر إليها كعنصر فعّال له أهميَّة في نهوض المجتمع وتكامله.
العلاج الصحيح لقضايا المرأة:
ولخطورة هذا العنصر، كان لا بد من المعالجة الصحيحة لأمور المرأة وقضاياها وهمومها، فأي خطأ في التشخيص والمعالجة سيؤدي إلى زعزعة كيان وبناء المجتمع. يقول سماحته دام ظله: »أبدأ حديثي حول مرحلة إعادة بناء هذا البلد الإسلامي،حيث الاعتماد الأكبر على الطاقات البشرية، ففي هذه المرحلة يعمل الشعب والمسؤولون على إعادة بناء حقيقية لإيران الكبرى، في المجال المادي وفي مجال النظم الاجتماعية وفي المجالات المعنوية أيضاً. فأيُّ بلد يُراد أن يعاد بناؤه بالمعنى الحقيقي، لا بد أن يكون جلّ اهتمامه والتفاته إلى الإنسان والطاقات البشرية. وعندما نتحدّث عن الطاقات البشرية علينا أن نلتفت إلى أن النساء يشكِّلن نصف عدد سكان البلد، ونصف