مسبار فی النقد الأدبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مسبار فی النقد الأدبی - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فالشعراء مثلاً ربما يزيدون في الساحة العربية على ثلاثة آلاف؛ وما أنتجوه يزيد على ثلاثة أضعاف عددهم، ومن ثم تزيد الدراسات النقدية والأدبية واللغوية أضعافاً مضاعفة على الإبداع الشعري وأمثاله... فإذا أضفنا إلى هذه المعضلة توزع هذا الإبداع على البيئات الجغرافية مثل بيئة الشام والمغرب ومصر والجزيرة العربية والعراق... أو ...أيقنا بعدم وجود حركة إبداعية قادرة على جذب الناس، أو حركة نقدية متقاربة، على الرغم من أن كثيراً منها ابتلي بالتكرار لانقطاع وشائج الاتصال الحقيقي بينها ـ فالتراث ـ مثلاً؛ وبكل أطيافه الأدبية واللغوية والفنية ـ قد تعاد طباعة بعض آثاره أو تشرح غير مرة؛ فيهدر الوقت والجهد.

ومن ثم يمكننا أن نتجاوز ما قلناه عن الضَّعف والعجز والتكرار الذي وقع فيه معظمها إذا تخلصنا من هذا الخطر الذي يهددنا. وهو يتمثل بالرؤية الفردية ثم الإقليمية الضيّقة التي عززت مفهوم التجزئة والدولة القطرية، إذ أصبحت الثقافة العربية ذات وجه سياسي وربما طائفي وفكري مشوه وعاجز...

إن اتساع حركة انعقاد المؤتمرات العلمية العربية، ثم الندوات الثقافية المتنوعة مثَّل بارقة الأمل في تقارب الرؤية الثقافية والنقدية، لأنها وسيلة إلى الالتقاء وتبادل الآراء... ولكن مثل تلك التظاهرات العلمية ما تزال أسيرة للرؤى الآنية ـ غالباً ـ ولم تقم بإجراءات مستقبلية شاملة وفاعلة كغيرها؛ فضلاً عن أن توصياتها لن تستطيع أن ترى النور وتأخذ طريقها إلى التنفيذ؛ لأنها لا تملك سلطة القرار التنفيذي، وإن صدرت ـ أحياناً ـ عن مؤسسات علمية؛ بعضها ذو صبغة عربية؛ مثل المجامع اللغوية والجامعات والمنتديات الثقافية العامة.

هكذا نجد أنفسنا بعيدين ـ حتى الآن ـ عن تحقيق حركة نقدية شمولية متماثلة وفعالة سواء في دراسة التراث القديم ونقده؛ أم في دراسة الإبداع الحديث ومناهجه ومذاهبه.. وهذا يعني أننا نعيش حالة ثقافية، ثم نقدية قاتلة، إن لم تكن مدمرة لوجودنا...

وإذا كنا لسنا من المولعين بإلغاء الإبداع الفردي، لأنه الأصل في الإبداع الجماعي؛ فإننا مولَّهون بالدعوة إلى الاتفاق على تصور دقيق وشامل يعتمد مناهج علمية دقيقة وواضحة، ومبادئ صالحة للتطبيق والعيش لتكون مسباراً للنَّص الذي يتصدى لـه الناقد... وهذا ليس بعزيز على الممارسة لأن هناك عدداً غير قليل من رواد جيل عصر النهضة قد نجح في ذلك، وكانت أحوالهم أسوأ بكثير مما نحن فيه... فنحن تراجعنا ـ نتيجة عوامل كثيرة ـ عما فعلوه في دراسة الإنتاج الفكري والفني والأدبي واللغوي قديمه وحديثه... دون أن ينقطعوا عن المعاصرة والأصالة في طبيعة النّص المدروس وجنسه وانتمائه... فحين آمنوا بأنه ليس ثمة ثوابت نقدية دائمة في الزمان والمكان لم يقعوا مثلنا في تبعية التقليد للتراث أو الثقافة الغربية، ولم يتطفلوا على أي منهما... وتلقفوا منهما ما ينفعهما.

وهذا يعني أنه لابد من تكوين الطرز الفكرية والفنية واللغوية والنقدية المتطورة للمفكرين والنقاد العرب وفق تشكيل عربي جديد يؤدي بالضرورة إلى رصد النسيج الثقافي المتكامل قديماً وحديثاً؛ ومن ثم محاولة الكشف عن أسراره؛ وتحليله لإنجاز الإبداع الحقيقي للحركة الثقافية العربية بما فيها الحركة النقدية... لا أن نبقى أسرى لكل ما يأتي من الغرب الذي يتطور باستمرار في إنتاجه الإبداعي... وكلما انتهى من نظرية تلقفناها دون أي إبطاء، بعد أن يكون قد قذفها إلى مزبلة الزمن كما قال المرحوم الدكتور شكري عياد... فالنظرية النقدية العربية التي لم تؤسس حتى الآن ما زالت تنتظر أبناءها ليستخلصوها بوعي ومعرفة... ولهذا يبرز لدينا السؤال الآتي: أين الرؤى الفكرية والنقدية العربية الشمولية الجامعة للحياة الأدبية الإبداعية؟! وأين يقع الإنسان العربي من كل ما يجري في عالم اليوم من تفجر معرفي ونقدي وعلمي؟ وأين الناقد التطبيقي الذي اشتغل على النّص؟!

/ 93