مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 3

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تتحكم في سير الماء، كذلك كان لهم علم في
حفر الآبار وإنشاء الصهاريج لجر المياه
الى الأماكن التي تحتاج إليها. وقد أشتهرت
ثقَيف بعلمها بطرق استنباط المياه.
وأشتهرت قبائل أخرى بهذا العلم أيضاً،
وذكر أن بعضها كانت تتفرس وتحدس بوجود
الماء من نظرها إلى لون التربة ومن شمها
ومن علامات أخرى عرفوها وأدركوها
بالتجربة.
ونجد اليوم بقايا سدود استخدمت لحبس
"السيول" للاستفادة منها في الشرب وفي
الزراعة. وتقع أكثر هذه السدود في الأودية
التي تكون مسايل تسيل منها الأمطار
المتساقطة في موسمي المطر في العربية
الجنوبية. فتعمل الأحباس بين طرفي الوادي
لتحبس الماء، فلا يندفع إلى المواضع
المنخفضة فيذهب عبثاً، وبذلك يرتفع
مستواه، فيسقي الزرع على جانبيه، وتعمل
سواقي لتسيل منها المياه إلى الأماكن
المنخفضة التي تقع تحت هذه الأحباس وهكذا
تسقى بقية المزارع. وتختلف هذه الأحباس من
حيث جودة العمل والاتقان، فبعضها أحباس
بدائية بسيطة، عملت من الأتربة، أو من
الأحجار والصخور، على شكل "سكر"، يمنع
الماء من المرور، وبعضها عملت بصورة فنية
متقنة من الحجر الموضوع بعضه فوق بعض، مع
استخدام مواد ماسكة لشد الحجر بعضه إلى
بعض، وقد يطلى السد بمادة تمنع الماء من
اللعب به. وتعمل به منافذ ذات أبواب، تسد
وتفتح حسب الحاجة للتحكم بالماء. وتلاحظ
بقايا هذه السدود اليوم في وادي مبلقه،
وفي وادي بيحان، وفي وادي حريب، وفي أودية
أخرى عديدة.
أما اهل المواضع المرتفعة مثل الهضاب
والجبال، فقد عمدوا إلى كل حواجز وحوائط
منخفضة، لمنع المطر من الانحدار، إذ تحصره
هذه الحواجز، فيسيل إلى المزارع ليسقيها،
وقد تعمل له مجار ليسيل الزائد منه والذي
لا محتاج إليه إلى أسفل، فلا يغرق الزرع.
وقد يوجه إلى كهوف وآبار محفورة وكهاريس،
لتمتلىء بالماء، للاستفادة منه في مواسم
انحباس الأمطار.
وتوجد في المعابد فوهات تدفع مياه
الأمطار حين سقوطها الى مجاري بنيت تحت
الأرض تؤدي إلى صهاريج تخزن فيها مياه
الأمطار. وقد عثرت بعثة "وندل فيلبس"
الأمريكية على مواضع خزن الماء في معبد
مأرب المعروف في الكتابات بمعبد "اوم"،
"اوام" المخصص لعبادة "المقه" إله سبأ
الرئيس. ونجد مثل هذه المخازن في المعابد
الأخرى أيضاً. وخزن الماء على هذه
الطريقة،اسلوب متبع في فلسطين وفي
المواضع الأخرى ذات الأرض الصلدة
الحجرية، حيث تنقر الأرض وتعمل بها كهوف
كبيرة تخزن فيها المياه.
وقد تخصص قوم وتفرسوا بمعرفة مواطن
المياه واستنباطها وساعدوا في حفر الابار
وفي حفر القنِى وإنشاءها. وفي كتب اللغة
ألفاظ أطلقت على الأدلاء الخبراء أصحاب
العلم بمواضع وجود الماء في باطن الأرض،
مثل جوّاب الفلاة، وذلك لأنه كان لا يحفر
صخرة إلا أماهها، القناقن، وهو الدليل
الهادي البصير بالماء تحت الأرض في حفر
القنى، والعياف، وقد تحدثت عنها وتطلق
أيضاً على الدليل الذي يعرف موضع الماء من
الأرض.
والماء في الأرضين الجافة القاحلة، نعمة
كبرى وحياة لأهلها، فكانوا يفرحون
ويشكرون آلهتهم ويتقربون إليها بالذبائح
والنذور عند عثورهم على الماء في الأرضين
التي يبخرون فيها الآبار. ولهذا قدسوا
الابار وأسبغوا عليها القدسية، وتقربوا
لها بالنذور والهدايا،وعدوا مياهها شافية
نافعة مقدسة. والبئر ثروة تدر على أصحابها
المال. وقد يبارك الكهان والرؤساء تلك
الآبار، لتنعم على أصحابها بالماء الغزير.
وقد كان "المحققون" "محققيم"، وهم الرؤساء
عند العبرانين، يحضرون الاحتفالات،
ويشكرون إلهَ اسرائيل عند ظهور الماء في
الابار،على نحو ما يفعله العرب في مثل هذه
الأحوال.
وقد لجأ الجاهليون إلى التحايل في
استصلاح الماء الأجاج أو الكدر،
للاستفادة منه في الشرب، فذكر إذا كانت
بهم حاجة ماسة الى الماء، ولم يجدوا إلا
ماء البحر أو الماء الأجاج الملح، وضعوه
في قدر، ووضعوا فوق آلقدر قصبات وعليها
صوف منفوش، ثم يوقد تحت القدر، حتى يرتفع
البخار، فيدخل مسامات الصوف، ويمتلىء به.
فإذا كثر، عصر في إناء، ولا يزال على هذا
الفعل حتى تتجمع كمية من الماء العذب،
وتترسب الأملاح في القدر. وذكر أيضاً أنهم
كانوا يحفرون في الشاطىء حفرة واسعة،
ليترشح إليها ماء البحر، ثم إلى جانبها

/ 751