مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
وروي عن "قتادة" قوله: "كانت قريش تجتبي، أي
تختار، أفضل لغات العرب، حتى صار أفضل
لغاتهم لغتهم، فنزلّ القرآن بها".ثم إنها كانت بعيدة عن الأعاجم، فصان
بعدها عنهم لسانها عن الفساد، وحفظها من
التأثر بأساليب العجم، حتى إن سائر العرب
على نسبة بعدهم من قريش كان الاحتجاج
بلغتهم في الصحة والفساد عند أهل الصناعة
العربية.ولكننا نجد خبراً يذكر أن "عثمان" قال
للرهط الذين أمرهم بجمع القرآن وكتابته:
"اجعلوا المملي من هذيل، والكاتب من ثقيف"،
وليست هذيل ولا ثقيف من قريش. وتجد خبراً
اخر يذكر أنه كانت غمغمة في لغة قريش،
والغمغمة من اللغات الرديئة التي أخذها
علماء اللغة على اللغات العربية
الأخرىَْ، فكيف تتفق الغمغمة مع ما ذكروه
من صفاء و نقاء وسهولة وبيان لغة قريش ثم
نجد خبراً يذكر أن الخليفة "أبو بكر"، لما
هم " بجمع القرآن، بعد إلحاح "عمر" عليه
بذلك، "أجلس خمسة وعشرين رجلا من قريش،
وخمسين رجلا من الأنصار، وقال: اكتبوا
القرآن، واعرضوا على سعيد بن العاص، فإنه
رجل فصيح"، ولو كان القرآن قد نزل بلغة
قريش، لما اختار هذا العدد الكثير من
الأنصار، وهم من غير قريش،ومن منافسي مكة
في الجاهلية والإسلام، إن صح هذا الخبر،
الذي اشك في صحته.ثم نجد خبراً آخر يناقض الخبر
المتقدم،يقول: "لما كُتبت المصاحف عُرضت
على عثمان، فوجد فيها حروفاً من اللحن،
فقال: لا تغيروها ؛ فإن العرب ستغيرها أو
قال ستعربها بالسنتها، لو كان الكاتب من
ثقيف والمملي من هذيل، لم توجد فيه هذه
الحروف". وهو خبر أشك في صحته، وللعلماء
فيه آراء.وأما ما قالوه من اختلاف "زيد" مع النفر
القرشين الذين أشركوا معه في جمع القرآن
من "كتابة "التابوت" بالتاء أو بالهاء،
وكان من رأيه كتابتها "التابوه"، ومن رأي
"عثمان" "التابوت"، فقد ذكر العلماء أن
"التابوه" لغة في التابوت أنصارية. واللفظة
هي من المعربات،أخذها الأنصار من
العبرانية، فهي عندهم "ت ب ه" "ط ب ه" Teba Tebh
بمعنى صندوقْ. وقد كتبت في القرآن بالتاء.
وقد وردت اللفظة في سورة "طه"، وهي مكية،
ووردت في سورة البقرة وهي مدنية..واقرب الأقوال المذكورة إلى المنطق، هو
قول من قال إنه نزل بلسان عربي وكفى فاسم
العرب يتناول جميع القبائل تناولا"
واحداً، يعني حجازها ويمنها وكل مكان آخر
من جزيرة العرب، ثم ما بالنا نفسر ونؤول،
ونلف وندور في. تفسير: "أنزل القرآن على
سبعة احرف"، وهو حديث، روي بروايات تحتاج
إلى نقد، وفيها ضعف، وأخبار ضعيفة، لا تقف
على قدميها، ثم نترك كتاب الله القائل:
نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من
المنذرين. بلسان عربي مبين، و هذا لسان
عربي مبين و إنا أنزلناه قرآنا عربياً
لعلكم تعقلون، و كذلك أنزلناه حكماً
عربياً، و كذلك انزلناه قرآناً عربياً
وصرفنا فيه من الوعيد، و قرآناً عربياً
غير ذي عوج لعلهم يتقون، و كتاب فصلت
آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون، و كذلك
اوحينا إليك قرآناً عربيا، و إنا جعلناه
قرآناً عربياً لعلكم تعقلون، وهذا كتاب
مصدق لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا،
ولم يقل قرشيا، ولو نزل بلغة قريش لما سكت
اللَه تعالى عن ذلك، لما في التنويه
بلسانهم إى كان افصح السنة العرب من حجة
على العرب في فصاحته وبيانه وكونه معجزة
بالنسبة لقريش، افصح الناس وألسنهم، وليس
بكلام العرب عامة الذين هم على حدّ قول أهل
الأخبار دون قريش في اللغة والكلام.وما آية: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان
قومه ليبين لهم، إلا دليلاً وحجة على نزول
القرآن بلسان العرًب، لا بلسان قريش، أو
بلسان قبيلة معينة، أو قبائل خاصة. فالآية
تقول: ما أرسلنا إلى أمة من الأمم يا محمد
من قبلك ومن قبل قومك رسولاّ إلا بلسان
الأمة التي أرسلناه إليه ولغتهم، ليبين
لهم يقول: ليفهمهم ما أرسله الله اليهم من
أمره ونهيه وليثبت حجة الله عليهم ثم
التوفيق والخذلان بيد الله". ولما كان
النبي عربياً، وقد نعت في القرآن أنه
"النبي الأمي"، الذي أرسله الله إلى
الأميين، "هو الذي بعث في الأميين رسولاً
منهم"، والأميون هم العرب، العرب كلهم،
ولما كان الله قد أرسله إلى قومه العرب،
وجب إن يكون الوحي بلسانهم المفهوم بينهم،
بلسان طائفة منهم، يؤيد ذلك ما ورد في
القرآن الكريم نفسه من أنه نزل يلسان عربي
مبين.