خصا ئص الحروف العربیة و معانیها نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خصا ئص الحروف العربیة و معانیها - نسخه متنی

حسن عباس

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الذاكرة، فإن الألوان والظلال والأشكال
لها في الحقيقة إيحاءات لمسية وذوقية
وشمية، وإن لم تتطابق مع واقع هذه
الأحاسيس نفسها. فيكفينا من لوحات عباقرة
الرسامين أن توحي للعين بمختلف الملامس
والمذاقات والروائح، إذا ما تمازجت
ألوانها وظلالها وخطوطها على أيديهم، ولا
روائح، ولا مذاقات ولا ملامس إلاّ
أحاسيسهم يصبونها في لوحات. لتقف ريشة
الفنان عند هذا السقف ، فلا تستطيع ألوانه
وخطوطه وظلاله أن توحي بالأصوات، مالم
تتدخل الذاكرة بصورة غير مباشرة عن طريق
التداعي : (صورة عاصفة وضجيجها، جدول ماء
وخريره).
5-وأخيراً تأتي حاسة السمع في القاعدة
المقلوبة إلى أعلى، ملتقى لجميع الأحاسيس.
بعض الأصوات يوحي بأحاسيس لمسية معينة.
وبعضها الآخر يوحي بأحاسيس ذوقية أو سمعية
أو بصرية، ولكن ما أن تتداخل الأصوات
الموسيقية وتتماوج على يد فنان عبقري، حتى
تستطيع الأذن المرهفة الحس المدربة، أن
تستوحي من الأعزوفة مختلف الأحاسيس
والمشاعر الإنسانية التي خطرت في ذهن
مبدعها الفنان. ولو لم تكن الأصوات
الموسيقية أوعية زمنية معبأة بمختلف
الأحاسيس والمشاعر، لكانت شيئاً لا يطاق
من آليّ الاهتزازات والانعكاسات، لاحياة
فيها ولانماء ولا إحساس انظر الشكل (2).
لنخلص من هذا التصنيف إلى أن الأحاسيس
اللمسية كامنة في الحواس جميعا، تشدها إلى
الأرض وتربطها بالأحاسيس المادية. كما أن
حاسة السمع تستوعب أحاسيس جميع الحواس،
كناية عن قدرة الزمان على تجاوز المادة
والمكان استيعابا لهما وفيضا عليهما. ومن
هنا كان الزمان من حيث وعينا له يتصف
بالوحدة والعمق. تكثيفا لمختلف الأحاسيس
والانفعالات في وحدات من الأصوات. بينما
يتصف المكان بالتشتت والبعد: توزيعا
لمختلف الأحاسيس على مختلف الحواس في صور
مادية محسوسة.
وهكذا تتداخل الأحاسيس مع المشاعر
الإنسانية عن طريق التجربة والمعاناة من
خلال معانيهما:
الفصل الثاني:
أصوات الحروف العربية وإيحاءاتها الحسية
والشعورية
بيني وبين علماء اللغة .
على الرغم من أن علماء اللغة الذين قالوا
إنَّ لغتنا مأخوذة مباشرة عن الطبيعة،
وأصّلوا على ذلك، أنّ معنى اللفظة مستفاض
عن صورتها الصوتية، فإن أحدا منهم لم يربط
يبن أصوات الحروف وبين الحواس الخمس
والمشاعر الإنسانية.
ولئن كان بعضهم قد أسند إلى أصوات الحروف
بعض الإيحاءات اللمسية والبصرية
والصوتية، فإن أحدا منهم لم يسند إليها
أيّ إيحاء بإحساس ذوقي أو شمي.وباستثناء
الأرسوزي، فإن أحداً منهم لم يسند إليها
أيّ إيحاء بمشاعر إنسانية. وهذا يعني كما
سبق وألمحنا إلى ذلك، أن جميع الألفاظ
الدالة على أحاسيس ذوقية وشمية ومشاعر
إنسانية، إنما هي مصطلحات على معان. الأمر
الذي يتناقض صراحة مع ما ذهبوا إليه من أن
لغتنا مأخوذة عن الطبيعة ماديها
وإنسانيها، وأنّ معاني الألفاظ هي محصلة
موحيات أصوات حروفها.
لذلك، وقبل أن أتحدث عن الإيحاءات الحسية
والشعورية في أصوات الحروف العربية، أرى
من المفيد أن أتحدث أولا عن مسألة
الاستيحاء، مادامت هذه المسألة هي مرتكز
هذه الدراسة.
1-فما الاستيحاء؟
الاستيحاء هو عملية نفسية من اختصاص
المشاعر الإنسانية. وعلى الرغم من أنني
عقدت فصلاً خاصاً عن الشعور في هذه
الدراسة، فإني أرى من المفيد أن أتطرق منذ
الآن بشيء من الإيجاز إلى دور الشعور في
عملية استيحاء المعاني والتعبير عنها،
ولو ببعض الأمثلة.تمهيد لابد منه لمتابعة
الحديث عن إيحاءات أصوات الحروف العربية
وخصائصها الحسية والشعورية.
فلو شاهدنا مثلا صديقاً حميماً يصارع
منافساً له، وأطلقنا النّفس على سجيتها،
إذن لصدرت عنا بصورة عفوية مختلف الحركات
والأصوات التي تعبّر عن انفعالاتنا
الشعورية عبر مواقف الصديق في مراحل
صراعه، وكأنّ الأمر أصبح بيننا نحن وبين
ذلك المنافس. هذه العملية الشعورية يسميها
علم النفس، التقمص الشعوري، أو المشاركة
الوجدانية، حيث يسقط الإنسان فيها مشاعره
على الآخرين. ولو أردنا أن نعرّف أجنبياً
لانفهم لغته ولا يفهم لغتنا، بشيء معين من
الأشياء، لاضطررنا إلى تقمص مادة ذلك
الشيء والاتحاد بها، لنستخلص منها
خصائصها الذاتية من ملمس، أو مذاق، أو
رائحة ، أو شكل، أو صوت، لنعبّر عنها
للأجنبي بالحركات والأصوات الملائمة كيلا
يخطئ في تشخيص الشيء المراد وتحديده. فهكذا
تقمّص العربي الفجر أشياء العالم الخارجي
وأحداثه على الطبيعة، ليعرّف أبناء

/ 129