بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
وانفجاريته، كما سوف نرى في الحديث عن الهمزة والهاء. كما إن قيام ابن جني بتحديد معاني الحروف عن طريق المقارنة بين معاني الألفاظ أخذا بقاعدته (تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني)، على وجه ماسبق ذكره، قد أوقعه في أخطاء كثيرة، كما في قوله: العين في (عسف)، أخت الهمزة في (أسف)، وأضعف منها. وسنرى أن العين حرف شعوري، والهمزة حرف بصرى، فأين الإخاء بينهما؟. كما قال: الباء في (علب) أخت الميم في (علم). والدال في (قرد) أخت التاء في (قرت) والزاي في (علز) أخت الصاد في (علص). والسين والحاء في (سحل) أختا الصاد والهاء في (صهل) . الخصائص -الجزء الأول-ص145-160). كل ذلك بمعنى تقارب معاني الحروف لتقارب مخارجها الصوتية ، وإن تفاوتت في القوة والشدة. وسوف نرى وكأنه لا علاقة ولاقربى معنوية بين هذه الحروف الإخوة أحياناً كثيرة، إلا كتلك التي كانت بين قابيل وهابيل. ولو أن ابن جني تأمل صدى أصوات الحروف في نفسه لمعرفة خصائصها، لما وقع في هذه الأخطاء لمجرد تلك المصادفات من تقارب المعاني لتقارب الألفاظ في بعض الأحيان. ثانياً-حول منهج العلايلي في كتابه: تهذيب المقدمة اللغوية لقد حدد العلايلي معاني حروف الجدول الهجائي(بما تسمح به النصوص) دون أن يعتمد صدى أصواتها في نفسه. ولذلك غابت عن معاني حروف جدوله بصورة عامة خصائص أصواتها الحسية والشعورية كما سنرى. ونحن لانتهم العلايلي بالعجز عن استبطان أصوات الحروف، فلقد قرر مثلاً، أن (اللام) معناه الملاصقة والمساس، وذلك بمعرض تحليله لمعنى لفظة (جبل).(ص47من المقدمة). وهذا صحيح . ولكنه يعود فيقرر في جدول معاني حروفه: (إن اللام يدل على الانطباع بالشيء بعد تكلفة) المقدمة (ص64). فأين معنى الملاصقة والمساس المستوحى من صوت اللام، من معنى الانطباع بالشيء بعد تكلفة المستخلص مما (سمحت به النصوص)؟. ولعل العلايلي قد رأى أن اعتماد النصوص المحفوظة في استخراج معاني الحروف هو أقل شططا ومخاطرة وأسلم عاقبة من استخراج معانيها عن طريق صدى أصواتها في النفس. ولكن نهجه هذا هو أقل دقة وأكثر شططا كما سنرى في دراسة الحروف. ثالثاً-حول منهج الارسوزي: وهكذا كان الارسوزي هو الوحيد الذي اعتمد قاعدة صدى الاصوات في الوجدان لاستيحاء معاني الحروف. ولكنه وقف جل اهتمامه على استيحاء معاني الالفاظ العربية من صدى جملها الصوتية في نفسه، فلم يولِ الحروف العربية إلا القليل من عنايته منصرفاً إلى المقاطع الثنائية، وذلك على العكس مما فعل العلايلي الذي بدأ بالحروف العربية، ومنها انتقل إلى المقاطع كما مر معنا، ولذلك قد اقتصر الارسوزي على تحديد خصائص أحد عشر حرفاً فقط، وباقتضاب شديد كما سنرى. حول المنهج الذي ابتعته في استيحاء معاني الحروف العربية: لقد سبق أن بينت أنّ الحروف العربية كأصوات فطرية مقتبسة من الطبيعة (المادية أو الانسانية)، لابد أن توحي بمختلف الأحاسيس الحسية والمشاعر الإنسانية. وإذن فإن منهجي يقوم على الاستبطان الشعوري لاستيحاء الخصائص الصوتية لكل حرف. خطوة أولى لابد منها للكشف عن معانيه. وهكذا يتلخص منهجي في مرحلتين اثنتين: أ-المرحلة الأولى: أقوم باستيحاء خصائص صوت كل حرف بتأملّ صداه في نفسي بعد تفخيمه، عودة به إلى طريقة النطق بصوته حين أبدعه العربي للتعبير عن معانيه. وذلك بأن أسلط عليه أحاسيس الحواس الخمس- ومختلف المشاعر الإنسانية، فأتحرى مختلف خصائصه الحسية، ثم الشعورية. فإذا وجدت في صوته ما يوحي بإحساس لمسي، بحثت عن شتى لمسياته، من ليونة أو صلابة أو خشونة أو برودة أو حرارة..كما أنني أتبع هذا النهج بالذات لاستخلاص موحياته الذوقية والشمية والبصرية والسمعية والشعورية . فإذا اقتصرت إيحاءات صوت حرف ما على اللمسي فقط، صنفته في فئة الحروف اللمسية، وإذا تجاوزت هذه الايحاءات حاسة اللمس فوقفت عند الحدود الذوقية أو الشمية أو البصرية أو السمعية ، صنفته في الطبقة العليا التي تنتهي عندها ايحاءاته صعوداً. على أنني قد تخطيت هذه القاعدة مع بعض الحروف، فصنفت بعضها في الطبقة الأدنى وصنفت بعضها الآخر في الطبقة الأعلى لأسباب خاصة تتعلق بطبيعة الحرف أو ببعض خصائصه المتميزة، كما سيأتي . وهكذا توصلت إلى توزيع الحروف العربية بين الحواس الخمس والمشاعر الانسانية، فكان لكل منها حرف أو أكثر عدا حاسة الشم التي لم تختص بحرف معين وإن كان ثمة أكثر