ولأسيادهم خارج المنطقة فتكالبت القوى
الاستكبارية العالمية وفي مقدمتها ـ
أمريكا ثم فرنسا لمضايقة ومحاصرة هذه
الثورة والدولة الإسلامية المباركة.
زرعوا أمام الدولة المباركة عقبات،
وألغاماً، ومتاعب، ومشاكل سياسية،
واقتصادية وعسكرية، كان اخرها الحرب التي
أثارها النظام العراقي ضد الجمهورية
الإسلامية.
وكان على هذه الدولة المباركة أن تجتاح
هذه العقبات واحدة بعد أخرى وتنتهي من
عقبة اقتصادية لتتجاوز أخرى سياسية،
وتنتهي من عقبة سياسية، لتبدأ باجتياز
أخرى عسكرية، وقد كان يتزامن في وجه
الدولة المباركة أكثر من عقبة داخلية
وخارجية في وقت واحد.
وتجاوزت الثورة والدولة المباركة هذه
العقبات، بحول الله تعالى، وتأييده،
بتوفيق ونجاح منقطع النظير.
وخلال هذه التحولات، والانقلابات،
والأحداث الكبرى الخطيرة، والمواجهات
الجادة السياسية والعسكرية والاقتصادية،
والابتلاءات الصعبة، تنامي داخل الأمة خط
سياسي حركي وفكري وجهادي، يشكل
استراتيجيتنا السياسية والجهادية، وينبع
من الأصول العميقة لتفكيرنا الإسلامي،
وذلك هو "خط الإمام".
وهذا الخط في أصوله التاريخية المعاصرة،
هو نفس الوعي السياسي الإسلامي، الذي
اجتاز هذه المراحل السياسية، والجهادية،
خلال نصف قرن من الزمان تقريباً، حتى
تكاملت أبعاده، وكمل نضجه ونموه، وظهر على
الساحة الإسلامية، على شكل خط الإمام، من
خلال السلوك السياسي والجهادي لقائد
المسيرة الإسلامية الإمام الخميني حفظه
الله.
خصائص وميزات خط الإمام
الغطاء السياسي والإنساني لخط الإمام:والخاصية الأولى، في هذا الخط، أن هذا
الخط ليس خطاً سياسياً، وجهادياً نظرياً،
تبلور من خلال تنظيرات علمية ودراسات
سياسية أكاديمية، وإنما تبلورت أبعاد هذا
الخط السياسية والجهادية من خلال ركام من
جهاد وجهود العاملين وأتباعهم، وتحركهم،
وسهرهم،ودمائهم ودموعهم، ومتاعبهم خلال
طريق ذات الشوكة ومن خلال عذابهم،
وسجونهم، وهجرتهم، وفرارهم، وقرارهم،
خلال هذه الفترة المباركة من عمر
المسلمين.
وهذه الجهود والمجاهدات هي غطاء لخط
الإمام، وليس مجموعة نظريات ودراسات
أكاديمية، وهو غطاء مبارك يبعث على
الاطمئنان والأمن.
فإن الإنسان العامل، عندما يضع خطاه على
هذا الخط المبارك يعلم أنه يضع خطاه على
طريق شقّته أمة كبيرة من المجاهدين
والعاملين في سبيل الله من خلال تجاربهم
وآلامهم وعذابهم،وعملهم، وتحركهم،
وجهادهم، وما رزقهم الله من نور وبصيرة
خلال هذه الحركة المباركة.
ولقد سدد الله تعالى الكثير من الأخطاء
وقوّم الكثير من الزلات، في حياة العاملين
خلال هذه الجولة الربانية الكادحة.
وكان هذا الخط حصيلة هذه التجارب
والابتلاءات.
وقد كانت الأمة، خلال هذه المسيرة الشاقة
الشائكة وقود الحركة، ومصب كل الآلام
والمحن، التي تجاوزتها الحركة والثورة
الإسلامية في مراحلها المختلفة وقد دفعت
هذه الأمة الكبيرة، ولا تزال تدفع ضريبة
هذه الحركة الربانية في التاريخ، وتحملت
آلام الطريق ومتاعبه بصبر وجلد.. فمن
الطبيعي إذن أن يكون هذا الوعي والخط
السياسي الذي تبلور خلال هذه الفترة تبلور
في عمق ضمير الأمة، ووجداها وقناعتها،
وتفاعلت معها الأمة تفاعلاً كاملاً،
وتحول إلى قناعة وإيمان ثابت، في عمق
وجدان الأمة.
فهذا الخط ـ إذن ـ ليس خطاً فكرياً
وسياسياً طارئاً يفرض على أفكار الناس، من
خلال أجهزة الإعلام،وإنما هو الخط الفكري،
والسياسي، والجهادي النابع من تجربة الأمة
وقناعتها، ومعاناتها، وتكونت مفرداته، من
خلال حركة الأمة، وتضحيتها ومحنتها.
وهذا هو الغطاء الإنساني لخط الإمام.
وقد كان هذا الالتحام، بين الأمة وخط
الإمام، من أهم أسباب وقوف الأمة بحزم
وثبات،لحماية خط الإمام وحراسته من
الانحراف، ومن اندساس المنافقين
والانتهازيين، داخل الخط، بغية تحريفة
وتوجيهه لخدمة مصالحهم الشخصية والفئوية.
الأبعاد الحضارية والتاريخية لخط الإمام:
ومن خصائص هذا الخط، أن الجذور الأولىلهذا الخط تمتد إلى رسالة الأنبياء
والأئمة عليهم السلام، فليس هذا الخط خطاً
مبتوراً، اجتث من فوق الأرض، ما له من
قرار، وإنما هو في أبعاده التاريخية خط
الأنبياء والمجاهدين والدعاة إلى الله