بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
وكذلك ألممنا بشيء من حركة التأليف والترجمة، وبعدد من القواسم اللغوية والفنية والموضوعات الأدبية المتنوعة كقصة ليلى والمجنون... والمقامات الأدبية. وفي ضوء هذا الفصل الذي أبرز قيمة التجديد في النهضة الفكرية والأدبية والفنية انبثقت الفصول الثلاثة التالية لـه... فخلص الفصل االثاني إلى ((المؤثرات الفارسية في شعر الأعشى))، وهو شاعر جاهلي عُرف بتردده على بلاد فارس والحِيْرة؛ فكان شعره صدىً لذلك. وهو ما فرض علينا أن نشير بإيجاز إلى حياته ورحلاته وتجواله لنكتشف الأثر الفارسي السياسي والاجتماعي واللغوي والأدبي في شعره. وهو الذي قادنا إلى إثبات عدد من الآراء والنتائج في نهايته؛ مما يؤكد روح اللقاء الحر بين العرب والفرس منذ القديم في إطار التفاعل الحضاري الثقافي والاجتماعي والمدني... ومن ثم كان الفصل الثالث لمرحلة صدر الإسلام التي امتد تأثيرها إلى اليوم، واخترنا منها ((قصة المعراج النبوي)) وهي أشهر قصة تركت بصماتها في إحْداث نَهْضة أدبية وفكرية كبرى؛ فضلاً عمّا انتهى إليه الدارسون من خلاف واختلاف في ماهيتها وطبيعتها. ولذلك كان عنوانه ((قصة المعراج في الأدب ـ قراءة مقارنة))؛ وهي القصة التي عمّقت بقوة المزج الحضاري للشعبين، ولاسيما حين كانت منطلقاً للأدب الصوفي الفارسي... وكشفنا اللثام في هذا الفصل عن جملة من الأخطاء الفكرية والتاريخية التي ذهب إليها غير دارس حين جعل معراج (أردافيراف) أصلاً للمعراج النبوي، أو حين صنًَّف بعض الباحثين المعراج النبوي تحت مفهوم أدب الرحلات، أو الأدب المسرحي... وهو لا ينتمي إلى أي من هذا أو ذاك من قريب أو بعيد بوصفه معجزة إلهية. وهذا كلّه حَرَّضنا على تبني المنهج التاريخي التحليلي لعرض المعارج وقصص الرحلات إلى العالم الآخر لمعرفة حقيقة الأمر... فأشرنا إلى ما يزيد على خمسين معراجاً ورحلة في هذا المجال بعد أن عرضنا لمفهوم الإسراء والمعراج، وماهيته في العقيدة الإسلامية؛ كما جاء في القرآن والأحاديث الصحيحة. ثم توقفنا عند عدد من المعاريج والرحلات موازنة ومقارنة؛ ولا سيما حين تعلق الفصل بالمقارنة بين المصنفات الإسلامية والغربية كملحمة (الكوميديا الإلهية) للشاعر الإيطالي (دانتي) و(الفردوس المفقود) للشاعر الإنكليزي (مِلْتون). ولكي تبرز الحقيقة واضحة ألحقنا بالفصل ملاحق ستة كثّفت هذه القضايا وكانت مرايا للحقيقة كشفت مزاعم عديدة ووضعتها في مكانها الصحيح؛ كما أنهت خرافة أثر معراج (أردافيراف) في المعراج النبوي. وجاء الفصل الرابع ((فلسفة الخيام في الرباعيات ـ بين الوجود والعدم وبين الزهد والتصوّف)) ليكون خاتمة الكتاب، وممثلاً لروح العقيدة والفلسفة والنزعة الوجودية للإنسان. ولما كان الخيام مدار دراسات كثيرة تقاذفته عقيدة؛ واسماً؛ وفلسفة وخُلُقاً؛ في رباعياته وحياته؛ جعلنا الرباعيات سنداً لقراءة آرائه وأفكاره فيما اتفق عليه الدارسون من صحة نسبتها إليه. واخترنا ـ غالباً ـ ترجمتين؛ شعرية ونثرية. دون أن نُهمل الإشارة إلى بقية الترجمات... وقد قادتنا دراسة فلسفة الخيام في الرباعيات إلى تعريف موجز بالشاعر وبها؛ وبيان حقيقة الشك واليقين لديه، ثم بيان ماهية الوجود والعدم، وصولاً إلى ما قيل في زهده وتصوفه، أو أي رأي آخر... وبناء عليه اتضح لنا أن للترجمة أثراً كبيراً في اختلاف الدارسين حول فلسفته وآرائه... ولسنا نزعم أننا أتينا بكل جديد؛ بيد أننا قمنا بقراءة فاحصة لمرايا عدّة من الالتقاء والارتقاء بين الأدبين العربي والفارسي. واجتهدنا في تقديم آراء شتّى؛ منها ما كان رداً على ما ورد في دراسات سابقة، ومنها ما كان مستلهماً من طبيعة الموضوع المطروح؛ لأننا نظرنا إلى كل رأي ومقولة وموضوع بمنظار العقل والاختبار؛ وعرضنا ذلك على البحث العلمي التاريخي التحليلي، علماً بأن للدراسات التي سبقتنا فضل الإيحاء بكشف كثير من الوهم والخطأ؛ مثلما كان لها فضل تعليمنا... لهذا نقول: إن تجاذب الحكمة تغري كل منصف بالبحث عن الحقيقة؛ ولا مراء في أن (مرايا للالتقاء والارتقاء) تمثل رؤية صاحبها في مرحلة كتابتها قبل عام (2004م)، فضلاً عن أنها عاجزة عن الإحاطة بما امتلكه الأدبان العربي والفارسي من وسامة التعبير وألق الروح وصدق العاطفة وثراء المادة؛ ولكنها تحمل رسالة التوق الأبدي إلى استحضار ثمرة الأشواق واكتشاف أعماق الأسرار في تفاعلهما؛ وتدعو الباحثين إلى حمل نصيبهم من ذلك.