عندما تتکلم الذات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عندما تتکلم الذات - نسخه متنی

محمد الباردی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د. محمّد الباردي
عندما تتكلّم الذّات
السّيرة الذّاتيّة
في
الأدب العربيّ الحديث
مقدّمة
عندما ظهر كتاب "الأيّام" لطه حسين، انشغل
النّاس بالقضايا الاجتماعيّة
والثّقافيّة التي طرحها ولم ينشغلوا
بالقضايا الفنيّة الّتي أثارها. فما أثار
فضول النّاس هو تلك الصّورة الّتي رسمها
مؤلّف الكتاب لنفسه وقد أضحى كاتبا معروفا
ومفكّرا مشاكسا ولم يتأمّلوا في الأسلوب
الذّي لـه كتب طه حسين أيّامه التي عاشها،
فما همّهم أن يكون الكتاب رواية أو قصّة أو
ترجمة ذاتيّة بقدر ما همّهم هذا الصّوت
الّذي لا يكاد ينفصل عن المؤلّف والّذي
يكشف عن حياة مثيرة تحمل على الإعجاب
والإشادة. وقد كان كتاب الأيّام "كتابا
خطيرا. وقد كان أثره في الأدب العربي
الحديث أشبه بأثر اعترافات روسو في الأدب
الفرنسي في القرن التّاسع عشر. إذ وضع حجر
الزّاوية لجنس أدبيّ جديد، هو ما سيسمّى
اصطلاحا "سيرة ذاتيّة". ومنذ ظهور "الأيّام"
بدأت تظهر مجموعة من النّصوص في السّيرة
الذّاتيّة ظهورا محتشما. لقد كان كتاب
الأيّام كتابا إشكاليّا ولكنّ النّصوص
التي ظهرت بعده في مصر أو في البلاد
العربيّة الأخرى لم تحسم في الإشكاليّات
الفنيّة الّتي يطرحها هذا الجنس الأدبي
النّاشئ. وسيظلّ هذا الجنس الأدبي في حالة
التكوّن باحثا عن مقوّماته الفنيّة التي
يمكن أن تضع الحدود بينه وبين الأجناس
السّرديّة الأخرى. وما أكثرها! شأن
الرّواية المذكّرات واليوميّات والرّسم
الذّاتي وأدب الوقائع.
إنّ المشهد الّذي يمكن رسمه عن هذا الجنس
الأدبي قوامه نصوص أدبيّة عديدة ومتنوّعة
وما يفرّق بينها لا يقلّ عمّا يجمع بينها.
إنّها فسيفساء من النّصوص السّرديّة تحكي
حياة مؤلّفيها وتحتاج إلى التّصنيف
والتّحديد والتّعريف. وهو ما يطمح هذا
الكتاب المتواضع إلى تحقيقه.
ـ ما مفهوم السّيرة الذّاتيّة في الأدب
العربي الحديث؟
ـ ما هي الإشكاليّات الفنيّة التي يطرحها
هذا الجنس الأدبي النّاشئ؟
ـ ما هي إنشائيّته ومقوّماته الفنيّة؟
ـ ما هي أشكاله الكتابيّة؟
تلك هي المسائل المركزيّة التي يطرحها
هذا الكتاب ويسعى إلى اقتراح إجابات لها.
ولتحقيق ذلك كان لابدّ من الاستناد إلى
منهج علمي صارم استقيناه من إفادتنا من
بعض الدّراسات الإنشائيّة في الثّقافة
الأوروبيّة.
فلعلّ هذا الكتاب يريح ولو قليلا من يرغب
في المعرفة ويطرح السّؤال.
1 ـ في المنهج
1.1. هل يمكن أن نعتبر السّيرة الذّاتيّة
جنسا أدبيّا مستقلاّ وقائما بذاته؟ إنّه
لسؤال إشكاليّ حقّا. فمنذ سنة 1970 أعلن Jean
Starobiniski أنّه "ينبغي أن نتجنّب الحديث عن
أسلوب أو حتّى عن شكل مرتبطين بالسّيرة
الذّاتية، إذ لا وجود في هذه الحالة
لأسلوب أو لشكل ينبغي الالتزام بهما" (1)
وقد يدعّم السّؤال مشروعيّته عندما
نتامّل خانة الأشكال ذات العائلة
الأجناسيّة الواحدة فيصعب التميّيز
العلمي المقنع والنّهائي بين السّيرة
الذّاتيّة والمذكّرات وبينها وبين
السّيرة والرّواية الشّخصيّة وقصيدة
السّيرة الذّاتيّة واليوميّات الخاصّة
والرّسم الذّاتي أو المقالة فضلا عن علاقة
السّيرة الذّاتيّة بالرّواية، فقد نجد
عنصرا مفارقا في علاقة هذا الشّكل بالشّكل
الآخر ولكنّ الحدود الفاصلة قد لا تبدو
مطلقة ونهائيّة بقطع النّظر عن النّظريّة
الّتي تبيح التّداخل بين الأجناس
الأدبيّة وتشكّك في الحدود الفاصلة
بينها(2).
و مع ذلك سعى منظرو الأدب إلى رسم هذه
الحدود الفاصلة بين السّيرة الذّاتيّة
والأجناس السرديّة القريبة منها ولعلّ
أوشج هذه الأجناس قربي ما يعرف بالمذكّرات
فكثيرا ما استعمل هذا المصطلح بمعنى
السّيرة الذّاتيّة وكثيرا ما وشّحت كتب
السّيرة الذّاتيّة بعبارة "مذكّرات" وبها
تعقد مع المتلقّي ميثاق قراءة ولكنّه
ميثاق زائف لأنّ الحدّ الفاصل بين السّيرة
الذّاتيّة والمذكرات قائم. فالسّيرة
الذّاتيّة، على خلاف المذكّرات تروي
أحداثا شخصيّة وتنأى عن سرد الأحداث
العامّة في حين تركّز المذكّرات عادة على
تدوين الأحداث دون التّعليق على الحياة
الشّخصيّة لكاتب المذكّرات.
و يتّخذ التّعامل مع الزّمن المروي
معيارا للفصل بين السّيرة الذّاتيّة
واليوميّات. فالسّيرة الذّاتيّة وهي أعرق
من اليوميّات الخاصّة ترتبط أحيانا كثيرة
بفترة محدودة من حياة الكاتب في حين تتّصل

/ 85