بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
[IMAGE: 0x08 graphic] دماء وأحلام في بلاد الشام [IMAGE: 0x08 graphic] البريد الالكتروني: [LINK: mailto:unecriv@net.sy] unecriv@net.sy E-mail : [LINK: mailto:aru@net.sy] aru@net.sy موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الإنترنت [LINK: http://www.awu-dam.org] http://www.awu-dam.org صمم الغلاف : الدكتورة ناديا خوست دماء وأحلام فـي بـلاد الشـام روايـــــة من منشورات اتحاد الكتاب العرب [IMAGE: 0x08 graphic] دمشق - 2005 إهــداء خلال كتابة هذه الرواية، زرت العراق مرتين. وتفرجت على كنوز متحف بغداد، وعمارة المعتصم والمتوكل في سامراء. وعمارة بابل والنجف والكوفة وكربلاء. ورأيت غابات النخيل، واستمعت إلى الغناء العراقي الشجي. وعبرت جسور دجلة التي دمّرها القصف الهمجي وعمّرها المهندسون العراقيون. خلال كتابة هذه الرواية، توهجت انتفاضة الأقصى. وأعادت إلى ذاكرة البشر فضائل التضحية والشجاعة وهوى الوطن. وكادت تفرض موقفا عالميا من الاحتلال، لو لم يجرف ذلك غزو العراق. خلال كتابة هذه الرواية، سقطت أمامنا بغداد. فرأينا هولاكو وعشنا في زمن يختال فيه مجرمو الحرب من أفغانستان إلى فلسطين والعراق، وتلعب فيه بمصير الشعوب شركات النفط والسلاح. امتدت منذ بداية القرن سنوات صعبة دامية حزينة. صدّع هدير الانهيار العالمي الخجل والشهامة والشرف. وكأنما طويت مرحلة تاريخية تميزت بأحلام التحرر والعدالة ومايرافقهما من الأخلاق! خلال ذلك، رسمت رانيا أشجارها الأسطورية ونخيل بغداد. وعزفت على الكمان موسيقى زمن آخر كان فيه موتسارت وتشايكوفسكي وفيفالدي ودفرجاك يضيفون إلى الثقافة الإنسانية صفاء الأمل وصلابة الروح. فمدّت لي فضاء مرهفا، وثبّتت لي الجمال مقابل الهمجية. أهدي هذه الرواية، إذن، إلى العراق! إلى شعبه الشجاع، إلى مدنه المقاومة ومدنه المدمرة، إلى نخيله الرشيق، وإلى دجلة الذي جرى فيه حبر المخطوطات العربية! وإلى الشعب الفلسطيني الذي يقاوم همجية الاحتلال! وأهديها إلى رانيا التي أحاطتني، خلال ذلك الانهيار، بموسيقى النهضة وبرسموها المبهجة! خرجت حتى نفيسة مع نساء سوقساروجا لتحتفل بيوم الجلاء. قالت لنرجس عندما لاحظت ازدحام طريق الصالحية بالناس: "جدي لعب بعقل تيس"! سألتها نرجس: "الله يسامحك يانفيسة خانم، أنا الجدي؟ فردت نفيسة ساخرة: لا، تقبريني، أنا التيس! كأنما كانت المدينة كلها تمشي إلى الملعب البلدي! وصل الناس من غوطة دمشق ومن حمص وحلب إلى دمشق ليحضروا الاحتفال. استسلمت نفيسة للشعور بعيد يحتفي به الصغير والكبير. ركبت مع النساء الترام في مقطع من الطريق، من بوابة الصالحية إلى جسر فيكتوريا. وامتلأت العربة فصعب على الكمساري المرور فتناول ثمن التذاكر فوق رؤوس الركاب. ولم يدفعوا عن الأولاد. نزلت النساء من الترامواي ومشين إلى طريق الربوة وسط جمع تحرك في اتجاه واحد: مرجة الحشيش. واستقر الأولاد والصبيان على الأشجار كعناقيد العنب. كم بدت المدينة واسعة لليلى! وصلت إلى أمكنة لاتعرفها ولايمكن أن تصل إليها وحدها. تفرجت على الأشجار الباسقة في طريق بيروت، على بردى الممتلئ بالماء إلى حافتيه، على الأولاد الذين تسلقوا الأشجار. وصلت إلى الملعب البلدي. وعندما وقفت قرب أمها شعرت بأنها بين قامات أعلى منها. فرفعتها منور لتتفرج على الخيالة الذين يؤدون الاستعراض بملابسهم الشركسية. رأتهم يقفون على الخيل، ثم ينزلقون تحت بطنها، يمتطي أحدهم حصانين معا، ثم يقترب خيّالان ويصعد ثالث فوق أكتافهما والخيل تعدو مسرعة. راقبت نفيسة دهشة ليلى واستمتعت بها. هل ستحفظ هذه الطفلة في ذاكرتها هذا الاحتفال بالجلاء؟ لو تدرين ياليلى كم كلفنا الجلاء! كلفنا فقد المحبين! خيل لنفيسة أنها ستروي ذات يوم لليلى كيف أحبت خالد آغا وكيف فقدته في ميسلون. وأنها سترسم لها عشقا لم يجسر أحدهما على البوح به. وأنها ستحدثها عن الموت الذي لم يكن يليق بخالد آغا في أي مكان دون ميسلون. ستحدثها عن ذلك عندما يبرد القلب! لكن نفيسة لن تكون أبدا قادرة على لمس التفاصيل لأن السنوات ستجعلها أكثر وضوحا ودقة. لذلك ستمدّ ليلى بخيالها الموجزات التي سترمي أطرافها نفيسة. وسيجعل مزيج الحقيقة والتخمين مكانة خاصة لنفيسة تجذب ليلى إلى مدارها.