بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
إلا في مطلع القرن العشرين(3). ويرجع ذلك إلى المقاومة الوطنية المسلحة، حيث حمل الشعب الجزائري السلاح بوجه الاحتلال منذ بدايته وطوال القرن التاسع عشر. مارس المستعمرون الفرنسيون، منذ بداية الاحتلال عام 1830 وحتى الاستقلال عام 1962، شتى أنواع الإبادة والاضطهاد القومي والحضاري في الجزائر، فقد تمثل حكمهم بـ (إدارة مباشرة) وإنكار أبسط الحقوق السياسية للشعب الجزائري و(استيطان زراعي قائم على أراضي الفلاحين وتوزيعها على المهاجرين المستوطنين من الفرنسيين والأوروبيين عامة (أكثر من مليون عام 1954) بموجب مجموعة من القوانين (قوانين 1830، 1833، 1844، 1846، 1855، 1861، 1871، 1887، 1900، 1918، 1919، 1928، 1934، 1938). وكذلك ممارسة المسخ والاحتواء الثقافي للشعب الجزائري، والقائم على نشر اللغة والثقافة الفرنسية واعتبارهما اللغة والثقافة الرسمييّن، ومحاربة اللغة العربية والمؤسسات التعليمية والدينية في البلاد (قرار 1843، 1884، قرار شودان 1938)، إضافة إلى التمييز في الحقل الاقتصادي وبشكل خاص في الأجور، وفي الحقل التعليمي (حرمان الجزائريين من التعلم في المدارس الحكومية) وفي الحقل الصحي (طبيب واحد لكل 6000 مواطن) والاجتماعي(4). وطيلة فترة الاحتلال اتبعت فرنسا سياسة الإدماج والتجنيس من أجل أن تكون الجزائر (ملكية فرنسية) أي مستعمرة دائمة وبموجب قرارات وإجراءات متعددة (قرار 1834، 1858، 1863، 1865، 1881، 1913، 1946، 1956)(5). 1ـ مرحلة الكفاح المسلح: تشير المصادر التاريخية إلى أن الشعب الجزائري قاوم الاحتلال الفرنسي منذ بدايته، فقد ذكر أحد ضباط الحملة، إن الاحتلال لم يتم بسهولة وإن الفرنسيين أدركوا جلياً أن الاحتلال لم ينته باستسلام الداي ـ حسين باشا ـ .. وإن الجزائريين مصممون على المقاومة وهم أقوياء وشجعان وخبيرون بشؤون القتال. قاد الكفاح الشعبي المسلح عدد من القيادات الوطنية في مختلف أنحاء البلاد منذ بداية الاحتلال وحتى مطلع القرن العشرين، واستطاعت أن تحاصر أحياناً وأن تصد (جزئياً) التوسع الفرنسي نحو الداخل، وإن تكبح سياسة الإدماج لتكون الحركة الوطنية المسلحة بذلك أول الأشكال الوطنية في حقل الدفاع عن الهوية الجزائرية العربية الإسلامية، والعمل على استرداد السيادة والاستقلال، كما حصل أعوام 1832 ـ 1847، 1864، 1871، 1872، 1881، 1884 ـ 1900، ثم إلى عام 1914. وقد تركز الكفاح المسلح في هذه الفترة على مناطق الأرياف، والفلاحين بشكل خاص(6). منذ نهاية الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) تغير مركز الثقل في الكفاح الوطني الجزائري من الأرياف إلى المدن، فقد برز عنصر جديد ومتداخل، تمثل بظهور الحركات الوطنية السياسية، فقد شدت الانتباه الانتخابات، المظاهرات، الاضطرابات العمالية، وتكونت في المدن أشكال من التنظيمات العصرية للنضال ضد المستعمرين. وهذا قاد إلى التأكيد على أهمية (الدور الحضري) في المشاركة وقيادة النضال الجزائري. فخلال فترة ما بعد الحرب الأولى حصلت احتكاكات هامة مع الحركة العمالية الحضرية، فمساهمة الفلاحين والنقابات والعمال، لا يمكن إهمالها ولا ينبغي أن ننساها أو نقلل من منزلتها(7)، وإضافة إلى الفلاحين والعمال، شاركت في الكفاح مختلف فئات الشعب من جنود مسرحين وطلبة وكسبة ومثقفين، أي أن الشعب بأجمعه ـ ما عدا قلة ـ خاض الكفاح السياسي وراء عدد من التنظيمات السياسية التي بدأت بالظهور منذ عام 1920 ولتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الكفاح الوطني الجزائري، تمثلت بـ (الكفاح السياسي). 2ـ مرحلة الكفاح السياسي: شهد الكفاح الوطني الجزائري في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى تطوراً مهماً من خلال ظهور عدد من التنظيمات السياسية. وقد ساعد على ظهور هذه التنظيمات العديد من المؤثرات الداخلية والخارجية، منها السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومنها ما يتعلق بردود الفعل الوطني وخاصة الحركة الأدبية (الشعر)، إضافة إلى الصحافة الوطنية، وكذلك المؤثرات العربية المشرقية، سواء عن طريق الاتصال المباشر بقيادة الحركة الفكرية الإصلاحية والقومية العربية في المشرق العربي (محمد عبده، رشيد رضا، شكيب أرسلان مثلاً) أو عن طريق الصحافة وغير ذلك. كل هذه العوامل أسهمت في إنضاج الوعي الوطني السياسي الذي أخذ. يتكتل في تنظيمات سياسية ظهرت في مطلع العشرينات من القرن العشرين(8). ارتبط الكفاح الوطني في الجزائر (وعموم المغرب العربي) بالقوى الشعبية بمختلف فئاتها من مثقفين وطلبة وعمال وفلاحين