فلسفة الشعائر الحسينية
يبحث في الحكمة من اللطم والزنجيلوالتطبيرإحسان الفضليالمراجعة والتدقيق : الأديب حيدر السلاميالإهداءإلى إمامي وسيدي ومولاي صاحب العصر
والزمان الإمام المهدي المنتظر (عجل الله
تعالى فرجه وسهل مخرجه وجعلنا من أنصاره).
قالت أم المصائب زينب (عليها السلام) :
فكد كيك واسع سعيك ، وناصب جهدك .. فاوالله
لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولاتدرك
أمدنا ، ولاترحض عنك عارها .. وهل رأيك إلا
فند ؟ وأيامك إلا عدد ؟ وجمعك إلا بدد ؟ يوم
ينادي المنادي : ألا لعنة الله عى الظالمين
.
فالحمد لله رب العالمين الذي ختم لأولنا
بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة
والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب
ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة
إنه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيملقد اعتاد الباحث في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) أن يجد إشاراتهم ومعطياتهم
في كافة مجالات الحياة سواء العلمية منها
أو غير العلمية ، فلا بد أن يكون هناك
توضيح لطالب العلم وللمتحير في كيفية
النهج الواجب اتخاذه لبلوغ الحق والرسوّ
في شاطئ اليقين.
ومن هنا يتسائل الباحث عما اوضحته لنا
مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في المنهج
الإعلامي وكيف لنا أن نستقي المعرفة منها
في هذا المجال؟
والمتتبع لتاريخ أهل البيت (عليهم السلام)
يستطيع أن يجد الاشارات الاعلامية واضحة
بينة ، ولعل من أوضحها سلاح البكاء الذي
استخدمته الزهراء (عليها السلام) ليكون
رسالة إعلامية واضحة وصريحة الدلالة على
سلب الحقوق وصرخة مدوية بوجه الظالمين ،
وان هذا السلاح هو نفسه الذي استخدمه
الإمام زين العابدين(1) (عليه السلام) أمام
الطغيان الاموي ، فنحن نرى أحاديث أهل
البيت العديدة في الحث على البكاء
والتباكي وما هي في الحقيقة إلا دعوة
صريحة لإستخدام هذا السلاح بوجه الطغاة
والمتجبرين في كل زمان ومكان.
والغريب أننا نرى اليوم بعض الدعوات
والنداءات على ترك هذا السلاح الذي حث
عليه أهل البيت (عليهم السلام) في المناسبة
تلو الأخرى ، ونرى أصحاب هذه الدعوات
أنفسهم يتقبلون أساليب الإعلام الغربية
بكل رحابة صدر ، في حين إنك ترى الغربيين
يستخدمون للدلالة على الاحتجاج من وقوع
ظلم معين الاعتصام مثلا، وهو إن تأملت فيه
تجده يقع في سياق البكاء للدلالة على
الظلم بل هما من قبيل وجهين لعملة واحدة
تصب في مقام إيقاع الألم على النفس
للدلالة على إنها تتعرض لألم أكبر هو
الظلم ، وعندما يقع الاعتصام من أحد
الأشخاص ترى الدنيا تقوم وتقعد لما يشير
إليه الاعتصام من دلالة واضحة على سوء
الإدارة المعنية ، وإنها مارست الظلم بحق
الشخص المعتصم ، وهذا ما نتلمسه كذلك من
سلاح البكاء ، الذي هو من الأمور الفطرية
التي جعلها المولى عز وجل من طبيعة الجنس
البشري ، وأنه عند تعرضه للألم يبكي ،
والألم تارة يكون مادياً وأخرى يكون
معنوياً ، فالإنسان عندما يتعرض لفقد عزيز
أو يهضم حقه تراه يبكي بطبيعة الفطرة التي
جعلها الله عز وجل فيه ، وهذا الألم
المعنوي ، وأما المادي فهو ما يتعرض له من
حوادث تؤدي إلى تلف في جسمه من كسر أو جرح
أو قرح وغيرها ، وبنفس الفطرة تراه يبكي
عند التعرض لمثل هذه الحوادث.
ويتحول البكاء رمزاً ومتنفساً عندما يكون
الألم - معنويا كان او ماديا-ً من الشدة
بمكان.
وفي إطار تبيين فلسفة الشعائر الحسينية
لابد لنا أن نعلم إن الشعائر الحسينية هي
رمز من رموز الاحتجاج الواضحة في وجه
الظلم الذي وقع على أهل البيت (عليهم
السلام) ، ونرجو ان يكون لهذا العمل
المتواضع ثقلاً في الميزان ، وأن يهدي إلى
الحق ، كما وارجو من جميع اخوتي في الايمان
أن يعفوا ويصفحوا عن العثرات والزلات ، وأن
لا ينسونا من الدعاء بالتوفيق لكي نكون
جميعاً من انصار سيدة نساء العالمين ،
المواسين لها في مصابها الجلل بما جرى
عليها وعلى آل البيت (عليهم السلام)(2).
(1) قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
البكاءون خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة
بنت محمد وعلي بن الحسين (عليهم السلام)
فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه
أمثال الأودية وأما يعقوب فبكى على يوسف
حتى ذهب بصره وحتى قيل له (تالله تفتؤا
تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من
الهالكين) وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى
تأذى به أهل السجن فقالوا له إما أن تبكي