بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
إلاّ أن معظم الشعراء كانوا حذرين من الإقدام على مثل هذا التلوين والتشكيل في شكل القصيدة الطفلية، وتساهل بعضهم في القافية، فنّوعوا فيها كما سنرى بعد قليل. البحــور الثـقيلـــة : المقصود بالبحور الثقيلة في شعر الأطفال، تلك البحور بتفعيلاتها الكاملة، كـ (الطويل والبسيط و الكامل) وغيرها، كما يطلق اسم البحور الخفيفة على المجزوء والمشطور منها، وهي ما اتجه إليه شعراء الأطفال بصورة عامة. إن الإيقاع شيء لصيق بالفطرة الإنسانية، وقد وجد عدد غير قليل من الشعراء، أن الشعر الموزون المقفّى، هو أكثر ألوان الشعر تلبيةً لحاجات النفس البشرية، ويتلاءم مع الفطرة التي جُبلت عليها، لذلك اعتمدوا - أحياناً البحور الكاملة، فلم يراعوا متطلّبات جمهور الأطفال، الذي يختلف اختلافاتٍ متعدّدةً عن جمهور الراشدين، وكأنهم يعيدون تلك النظرة القديمة التي كان ينظر فيها المعلمون والمربون ورؤساء القبائل إلى الصغير، على أنه طفل كبير، من دون مراعاة للاعتبارات التربوية والنفسية والجسمية، فجاءت قصائد هم على هذا المنوال، كقول الشاعر " عبد الكريم الحيدري " في قصيدة (الربيع) : ^(7) عاد الربيع فتاه الكون واحتفلا بعـودِه و سـرورُ الأنفس اكتملا فيا ربيعاً حلّت أوصافـه وزهت أيامـه وغـدا في حسنـه مثـلا ما إن رأى البرد جيشاً أنت مرسله من الخطاطيـف حتى فـرّ مر تحلا والقصيدة، في الديوان من الشعر الموزون المقفّى، في أحد عشر بيتاً. التزمت بتفعيلات البحر البسيط كاملةً (مستفعلن فعلن مستفعلن فعل) وغير خافٍ على القارئ العادي مدى ثقل هذا البحر الطويل التفعيلات على النفس، فكيف سيكون وقعه على الأطفال، فضلاً عن أن القصيدة ليس فيها شيءٌ من الطفولة، وأين قول الشاعر في الديوان نفسه في قصيدة (العصفور والطفل) التي كانت مقرّرة في منهاج الصف الثاني من المدرسة الابتدائية في الخمسينيات : أماناً أيها الطفلُ ودعْ ما يفعل النذلُ أخي لا تمـشِ كالوحش تمدّ الكـف للبــطـش بأفـراحـي وبالعــشِ فعيـشي بعدُ لا يحـلـو فـرفقـاً أيهـا الطفـل تصوّر حزنَ أهليكـا إذا أخفاكَ مخفيكا فإن الأم تبكيكا وعنك الدهر لا تسلو فعطفاً أيها الطفل وقد يستغرب القارئ أن يجد مثلَ هذا الثقل موجوداً لدى الشاعر "سليمان العيسى" وهو الذي آلى على نفسه التجديد، واستخدام " اللفظة الرشيقة الخفيفة الظلّ، البعيدةِ الهدف، التي تُلقي وراءها ظلالاً وألواناً، وتترك أثراً في النفس. . " والصورة الشعرية الجميلة الملّحنة أو التي يستطيع الطفلُ تلحينها عفوياً بنفسه، وغناءها نغماً يستدعيها موقفٌ معين " كما مر في المقطعين السابقين من قصيدتي أوراق الخريف، والبنت الحلوة. . . ولعلنا نتلمّس آثار ذلك في " نشيد العمال " مع العلم أنها القصيدة السورية الوحيدة في كتاب الصف الخامس الابتدائي. الجزء الثاني .المقرر في العقد الأخير من القرن العشرين. يقول "سليمان العيسى " : بأيدينا صنعنا المعجــزات بنينا الرائعات الباقيــات رفعنا كل ساريةٍ و ســدٍّ على النيل العظيم على الفرات و ملءُ زنودنا الوطن المفدى وملء عيوننا في النائبـاتِ و نحن حكاية الزيتون فيـه وأغنية السنابل مائجـاتِ بمجد الصمت في الدنيا قنعنا وأعطينا فأغدقنا الهبــات ونحن الشعب قاعدةً و روحاً ونكتب نحن ملمحة الحيـاة ويبدو أن الشاعر لم يكتب هذه القصيدة للأطفال، وإنما هي قصيدة للكبار يقدّمها للصغار، ليتعرّفوا إلى العاملين في الوطن، ولا يمكن أن ننظر إليها كنصّ للأطفال، لأنها خاليةٌ من لغتهم وصورهم وموسيقاهم... وأين منها قصائده الراقصة الجملية في مثل هذه الموضوعات، كما في قوله في لُعْبَتهِ؟ سمّيتها مها قلبي يحبّها وقوله في الأرض المقدسة: فلسطين داري ودرب انتصاري .. . . الأوزان الخفيفــة : في الشعر موسيقا، وهذا يعني التنغيم والإيقاع، وقد ذكرنا أن الإيقاعات فطرية في النفس الإنسانية، تستجيب على نحوٍ معجزٍ لإيقاعات الشعر، وهذا مصداقٌ لما رأيناه وسمعناه في السابق، قبل انتشار الإذاعة والتلفاز من حفظ العامة الأزجالَ، والأشعار المبثوثة في القصص