أ.د . فوزي يوسف الهابط ندوة :عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه بين يدي البحث الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين . وبعد :فقد كان منهجي - في هذا البحث المتواضع محاولة الاطِّلاع على كل ما قيل في غريب القرآن ، وجمْع عناوين كل ما أُلف في هذا المجال ؛ لأحصر معاجمه، وأقف على حركة التأليف فيه . وكان من ضمن شواغلي :الاطلاع على كتب الغريب القرآني - المتاح لي الاطلاع عليها - لأتبين صدق وصفها ، ولأتأكد من مسايرة مناهجها ، لمناهج كتب الغريب . ونتيجة لذلك :فقد استبعدت من الكتب ، ما هو بعيد عن منهج غريب القرآن ، على الرغم من أن بعض المراجع - التي اهتمت بمؤلفات الغريب - قد سلكتها ضمنها ! ومن أمثلة ذلك :كتاب غرائب القرآن ورغائب الفرقان - للحسَين ابن محمد ، القمي ، النيسابوري (ت728هـ) فقد أدرجه معجم مصنفات القرآن الكريم (3/299) ضمن كتب غريب القرآن . وحين اطلعت على النسخة المطبوعة ، رأيت صاحبه يشير - في مقدمته - إلى أن تفسيره :ملخص لتفسير الرازي ، وأنه ضَم إليه ، ما وجده من اللطائف المهمات ، في تفسير الكشاف ، وفي سائر التفاسير . ثم اطلعت على باقي الكتاب ؛ فوجدته أبعد ما يكون عن كتب غريب القرآن ؛ ولذلك لم أدرجه ضمنها . وإلى جوار ذلك :فهناك كتب شَكَكْتُ في أنها من غريب القرآن ، ولكن لم تتح لي فرصة الاطلاع عليها ، ومن ثم فقد بينت وجهة نظري فيها. ومثال ذلك ، كتاب:تفسير الغريب في الجامع الصغير - للأرْمَيُوني (ت958هـ). وقد اقتضى منهج البحث العلمي :أن أرجع إلى كثير من المصادر ، والمراجع، التي دارت حول كتب الغريب ، واهتمت بها ، وذلك :للتوثيق والتأكيد . وعلى الرغم من ذلك :فإنني لم أقيد - منها - قرين كل كتاب ، إلا ما دعت إليه الحاجة ، واقتضته ضرورة المنهج ، ولذلك :ذكرت - من هذه المصادر وتلك المراجع- أقدمها ، أو أكثرها إيفاء بالمعلومات المسوقة ، وضربت صفحاً عن ذكر الباقي ؛ خوفاً من الإطالة . وقد احتوى هذا البحث ما يلي :مقدمـة ( بين يـدي البحـث ) ، وتمهيــداً ، ثم خمسـة مباحـث ، تـدور حـول ما يلي :
المبحث الأول :
الغريب اللغوي ، والغريب القرآني . والمبحث الثاني :غريب القرآن ، وبداية المعجم العربي . والمبحث الثالث :نمو الحاجة إلى تفسير غريب القرآن . والمبحث الرابع :اختلافات في تآليف الغريب . والمبحث الخامس :مسرد معاجم الغريب، مرتبة حسب وفيات أصحابها. ويلي ذلك :ثَبْتُ بالمصادر والمراجع ، التي أعانتني على القيام بواجبات البحث، ثم :فهرس ألفبائي ، لكتب غريب القرآن ، وختام ذلك :فهرس لموضوعات البحث . وقد بذلت - في كل ذلك - غاية الجهد الذي منَّ الله عليّ به ، فإن أصبت :فذلك بتوفيقه تعالى وعونه ، وإن كانت الأخرى :فحسبي أني اجتهدت ، ولكل مجتهد نصيب ! وختاماً :أدعو الله العلي القدير ، أن يتقبل هذا العمل المتواضع ، وأن يجعله في سجل حسناتي ، وسجل حسنات والديّ ( يرحمهما الله ) . وآخر دعوانا :أن الحمد لله رب العالمين ،،، د .فوزي يوسف الهابط 13 من ذي الحجة 1420هـ /19 من مارس 2000م تمهيــــــد :المعاجم اللغوية - عامة هي التي تحصر ألفاظ اللغة ، وترتبها ترتيبا خاصا، يساعد الباحث في العثور على اللفظ ، والتعرف عليه بشرح مدلوله . أو تيسر له :وسيلة العثور على مجموعة من الألفاظ ، التي يجمعها موضوع واحد . والمعجم الكامل :" هو الذي يضم كل كلمة في اللغة [ على قدر الإمكان ] مصحوبة بشرح معناها ،واشتقاقها ،وطريقة نقطها،وشواهد تبين مواضع استعمالها " . وهناك معاجم خاصة ، تهتم بألفاظ موضوعات خاصة ، وليست عامة ،ومنها :معاجم غريب القرآن ، التي نحن بصدد الحديث عنها . المبحث الأول :الغريب اللغوي والغريب القرآني الغريب اللغوي :كل ما ورد في مادة ( غ ر ب ) يفيد البُعد، ومنه :رجل غريب :بعيد عن أهله، ليس من سائر القوم . ومنه :كلمة غريبة :أي بعيدة عن الفهم .