بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
فقال عمر * :يا أيها الناس :عليكم بديوانكم، شِعْر الجاهلية ؛ فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم . ورأْيُ أمير المؤمنين هذا :اتفق تماماً مع رأي حَبْر الأمة، عبد الله بن عباس رضي الله عنه الذي قال :" الشعر ديوان العرب، فإذا خفى علينا الحرف من القرآن - الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها ؛ فالتمسنا معرفة ذلك منه " . ولم يكتف بذلك ؛ بل دل الناس، على الطريق الذي يفسر لهم ما غمض من ألفاظ القرآن الكريم، حين قال :" إذا سألتموني عن غريب القرآن :فالتمسوه في الشعر ؛ فإن الشعر ديوان العرب " . ويبدو أن هذا الرأي، كان له صدًى عند كثير من العرب، الذين يعرفون أسرار العربية، في ذلك الزمان الباكر من العصر الإسلامي . فها هو نافع بن الأزرق ، ورفيقه :نَجْدة بن عُوَيمر ، قد أثارهما أن ابن عباس رضي الله عنهما كان جالساً بفناء الكعبة، وحوله الناس يسألونه عن تفسير القرآن، فقال نافع لنجدة :قُم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له! فقاما إليه، فقالا :إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله تعالى، فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب؛ فإن الله تعالى، إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين . فقال ابن عباس :سلاني عما بدا لكما . فقال نافع :أخبرني عن قوله تعالى:*عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ* (المعارج:37) قال :العِزُون :حلَقُ الرِّفَاقِ . قال :وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال :نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص، وهو يقول :فجاؤوا يُهرَعون إِلَيْه حَتَّى يكونوا حَوْلَ مِنْبَرِه عِزينا ؟ إلخ ذلك من الأسئلة والإجابات، التي احتلت في الإتقان صفحات كثيرة . المبحث الثالث نمو الحاجة إلى تفسير غريب القرآن كان العرب المسلمون، في أيام رسول الله * يلجأون إليه ؛ للسؤال عما غمض عليهم. فقد ورد :أنه * كان يرد على التساؤلات، التي كانت تدور حول ألفاظ القرآن الكريم، وغيرها . ومن ذلك :ماروي من أنه سئل * عن تفسير قوله تعالى:* لِلَّذِينَ أَحسَنُواْ الحُسنَى وَزِيَادَةٌ * (يونس:26). فقال - فيما يرويه عنه أنس * :* للذين أحسنوا العمل في الدنيا :لهم الحُسنَى، وهي الجنة، والزيادة :النظر إلى وجه الله تعالى * . ولم تكن أسئلتهم له * حول غريب القرآن الكريم كثيرة ؛ لأنهم كانوا يعرفون أكثر ما يقوله ؛ حيث كان اللسان العربي، ما يزال صحيحاً، محروساً، لا يتداخله الخلل، ولا يتطرق إليه الزلل . وبعد لحاق الرسول * بالرفيق الأعلى :كان الناس يتجهون إلى أهل العلم باللغة، من كبار الصحابة *فيسألونهم عما غمض عليهم في كتاب الله تعالى. وكان أهل العلم هؤلاء :يؤدون عمل المعاجم ، التي لم تكن قد ابتكرت عربياً بعد، حيث كانوا يجيبون الناس إجابات، مستوحاة مما يحفظون من شعر، أو يعون من نثر ؛ حيث كان الشعر - المحفوظ رواية - يعد ديوان العرب، الذي يراجعونه، حين يخفى عليهم معنى، أو لفظ في القرآن الكريم. ابن عباس يقوم بدور المعجم المفسر . وقد كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (3 ق.هـ-68هـ) - بما وهبه الله من العلم أبرز من قام بهذا الدور، في صدر الإسلام، بعد وفاة الرسول * . ولذلك :كان يجلس في فناء الكعبة ؛ ليسأله الناس عما غمض عليهم، في كتاب الله تعالى . وأشهر المسائل التي رد عليها :هي مسائل نافع بن الأزرق - التي سبق الحديث عنها - والتي بلغت :مائة وتسعين مسألة ، أجاب عنها * مفسراً، ومستشهداً على ما يقوله - في تفسيرها - بالأشعار !! ولا عجب في ذلك ! فقد دعا له النبي * قائلاً :" اللهم فقّهه في الدين، وعلّمه التأْوِيل" . وقال عنه عبد الله بن مسعود * " نِعم ترجمان القرآن:ابن عباس" وقال أبيّ بن كعب * - وكان ابن عباس عنده، فقام:"هذا يكون حَبْر هذه الأمة" . ولذلك:وُصف بأنه »الرائد الجريء، في البحث عن غريب القرآن، والتنقير عن معانيه، والاستشهاد عليه بالأشعار، والتصدّي لإجابة السائلين فيما جهلوه منه، بسعة معرفة، ورحابة صدر« . اجتهادات ابن عباس :باكورة معاجم تفسير الغريب . ومن هنا :فإنه تُعد اجتهادات ابن عباس رضي الله عنهما - التي رواها عنه أصحابه، والآخذون عنه - أول باكورة في معاجم تفسير