بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
قمصــان الزمــــن فضاءات حراك الزمن في النص الشعري العربي د. جمال الدين الخضور قمصــان الزمــــن فضاءات حراك الزمن في النص الشعري العربي - دراسة نقدية - الفصل الأول: الزمن -النقد - الحداثة -زمن النقد- تشهد المنظومة المعرفية الثقافية العربية مجموعة من الصراعات والتناقضات الحادة التي تعبّر عن عمق الإشكاليات المغروسة في عمق الواقع العربي، والتي حاولت التقدم للإجابة عن أسئلة النهوض بمظاهره المختلفة. وإذا كانت تلك اللوحة تعبّر، بصورة أو بأخرى عن إمكانية الانطلاق الحضاري أو عجزه، إلا أنها في المحصلة النهائية تشير إلى وجود حيوية أناسية في التأسيس المعرفي الثقافي، تحاول إعادة قراءة الواقع والقيم، والمفاهيم بما يتناسب مع التاريخ الحضاري العظيم لأمتنا العربية. ولم يكن ذلك الصراع، مهما اعتراه من انتكاسات وهزات حادة، تعبيراً عن التأثر بالظروف الموضوعية، كالارتطام ببنى الثقافة الأوربية والغربية، بل تعبيراً دقيقاً عن التكوين الذاتي وبناه، وقدرته على إمكانية التجاوز النقدي التاريخي للذات، بما يشي بقدرة العامل الذاتي على تجاوز التشظي الحاد. وإذا كان الأدب، هو الشكل المتحرك من المنظومة المعرفية، فإن ارتباط حراكه بواقع التكوين المعرفي وسيرورته، يجعله النموذج المتقاطع بين الكتلة الاجتماعية كمنتجٍ للفعل الثقافي ومتلق لهذا الإنتاج في الآن ذاته. ولا ينتظر الأدب ُ المنظومة المعرفية الفكرية كي تحلّ إشكاليات تكوينها حتى ينطلق باتجاه التعبير المتحرك عبر النموذج الإبداعي، بل، وضمن علاقة التأثر والتأثير الفاعلة في تكوين عناصر البنية الثقافية في كلّ متكامل، يفعل بقوةٍ نشيطةٍ في محاولات الخروج من أسباب المأزق التاريخي، ومأساة الفكر في بؤس معالجته للإشكاليات التي تعترض سيرورته للانطلاق. فالأدب هو الشكل المتحرك للمعرفة، كما قلنا، لكن الشعر هو النموذج الأكثر حركية و تعبيراً في خطوط الأدب الفاعلة، باعتباره الحالة الأقدر على التجاوز وعلى التعبير عن الانفجار الممكن والحاصل والمحتمل حصوله في منظومة التكوين الإبداعي، لذلك، كان خطه البياني المتقاطع معرفياً مع مسار الخط التاريخي ذا قدرة تعبيرية بيّنة، ليس فقط عن مأزق النماذج الإبداعية /الأدبية/، بل وعمق مأساة الفكر ومأزقه. فأزمة الشعر هي جزء من أزمة المنظومة الفكرية، وهذه الأخيرة تعبير دقيق عن عمق مأزق الواقع وعجز عوامله عن تجاوز إشكاليات النهوض والانطلاق. والمتابع لحركة الشعر العربي، يعي هذا الترابط، ويعي بنفس الوقت إمكانية الشعر العربي ومن خلاله الفكر والعقل العربيين على التجاوز والامتلاك. ففي السنوات الأربعين الماضية تعرض الشعر العربي لانعطافات حادة، منها ما شكل نقلاً نوعياً على مستوى البنية، ومنها، ما اكتفى بالتراكم الكمي بدون التأسيس الحقيقي للتجاوز النوعي. لكن الصورة العامة بقيت تشي بوجود نضال فعال في القصيدة العربية، وروح حية تستطيع أن تمتلك ذاتها من جديد، وأن تنتقد وأن تعي عمق الجذور الممتد لمئات السنين لمنظومة معرفية ثقافية غنية، وفاعلة، كانت رمزاً متحرّكاً لحضارات جليلة عبّرت عن عمق التأصيل الإنساني في الذات العربية. وبنفس الوقت عبّرت عن قدرتها على التناقض أو الانسجام، في مراحل الانعطافات الحادة، على مستويات الواقع الاجتماعي، أو الفكري أو الثقافي وفي الإجابة عن أسئلة المشروع الحضاري تاريخياً، والقومي لاحقاً. وإذا كنا ننطلق من مقولة أن الشكل والمضمون يشكلان بنية واحدة متداخلة، فإن تركيزنا على موضوع النص الشعري سيشكل المعيار الأساسي في مقاربة حراك القصيدة، خصوصاً إذا استطعنا امتلاك المفاتيح الأساسية للولوج في بنية النص. وكما يقول الأطباء ذوي الخبرة، هناك مريض وليس هناك مرض، نستطيع أن نقول هناك نص شعري، وليس هناك شعر، بمعنى أن لكل نص مفاتيحه الخاصة وإلا ستجد الكثير من النصوص العصية على الاختراق النقدي والتفاعل. ويتداخل هذا القول، مع التأسيس الفكري الذي انطلقنا منه، بحيث لم تُبدِ المنظومة الإبداعية العربية قوننة وتقعيداً خاصين في عملية التعبير عن الهزات والانعطافات والصعود في ساحة الفكر العربي. فالتأسيس الذي أطلق بعد الحرب العالمية الثانية، لما يسميه البعض الشعر الجديد، لم يستند على حاضنة فكرية متجانسة متفاعلة بقواها الداخلية وعناصرها البنائية. فبالوقت