من حدیث الفاجعة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من حدیث الفاجعة - نسخه متنی

حنا عبود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ضمن كارزمية جبارة تحميها وتدافع عنها حتى هذا اليوم.

إننا في عصر محدثي النعمة منذ العصر الروماني.

والمسرح يسجل لنا كل التحولات التي طرأت على مواقف الناس تجاه هذه الشخصية، شخصية محدث النعمة في الهستريا التي جلبتها للبشرية، أو بالأحرى جرتها على البشرية.

قبل أن تعرض /الملك هو الملك/ كنت مع سعد الله ونوس في أحد مطاعم دمشق فقلت له: أخشى أن ينهال على خاتمة المسرحية نقاد المسرح.

قال سعد الله: وماذا سيقولون، وهي خاتمة مقنعة و "بنت العصر"؟ قلت: سيقولون إنك خالفت شكسبير الذي لا يسمح للمغتصب أن يبقى على العرش فيحتفظ بالتاج، بل يمسك البلطة بيديه، لقد جعلته ملكاً وجلاداً معاً.

قال: هذه هي الحقيقة فالملك إن لم يكن جلاداً فقد تاجه في هذه الأيام التي تختلف عن أيام زمان حيث كان الولاء وليد القناعة لا الرشوة.

في عصر الرشوة أنت تحتاج إلى بلطة إذا كنت راشياً، لأنك لا تعرف متى تغير رشوة غيرك ولاء الموالين لك.

وبالفعل فإن بطل المسرحية ليس أكثر من محدث نعمة يعتلي العرش في غفلة من الزمن، كأنه ربح بطاقة يانصيب.

ولكنه ما إن يعتلي العرش حتى يدرك مدى تفاهته وهشاشته وكيف يسخر الناس منه، وهو يعلم أنهم لا يفكرون فيه إلا ساخرين متندرين على جلافته وغبائه وفظاظته.

وهنا لا مهرب له من أن يمسك البلطة بكلتا يديه، أو يطير عنه التاج أو يطير هو عن العرش..

في عصر جنون الثروة كل ما لا يعقل قد يصبح معقولاً.

كان المسرح الروماني خاتمة مطافنا.

ولكننا عرجنا قليلاً على الدراما الشكسبيرية لنبين فقط أنها استمرار للدراما اليوربيدية أو التراجيديا الحديثة كما اصطلح عليها.

وأشرنا إلى أن موليير والكوميديا التالية ما هي إلا استمرار للكوميديا الحديثة التي أشاعها ميناندر وازدهرت في العصر الروماني.

وختمنا بحثنا بكلمة صغيرة عن الكوميديا السوداء المعاصرة.

جاء في أمثالنا الشعبية أن درهم مال يحتاج إلى قنطار عقل.

فما بالك بالثروة التي سيطرت على العقول بدلاً من أن تسيطر عليها العقول.

لقد نشأ الجنون من الثروة وإصرارها على حيازة العالم مادياً، ولم ينشأ من الأدب والفنون الجميلة.

ولهذا سمينا بحثنا الموجز "المسرح وجنون الثروة" فهما طرفان متقابلان متضادان الأول ينطلق من التربية الجمالية والثاني ينطلق من الشهوة الذئبية.

الأول هو العقل الذي يشفي الثروة من جنونها ويحولها من ثراء المادة إلى ثراء الروح ومن جنون الاستيلاء إلى نعمة العطاء، فقد أثبت الإغريق أن الانفاق الثقافي لا يؤدي فقط إلى الغنى الروحي، بل يؤدي أيضاً إلى الغنى المادي، ولكنه ليس غنى مجنوناً، إنه محكوم بخدمة القيم النبيلة، فكل غنى لا يخدم القيم النبيلة يدمر الروح ويذل الجسد.

إنه الثروة المجنونة.

حنا عبود القلاطية - ربيع 1996 حداثــــة النعمـــة: ظاهرة عابرة أم أصل متجذر؟ منذ انطلاقه العرب إلى الأقطار المجاورة وتوطيد سلطة دولة جديدة ظهرت أعراض ما يسمى "حداثة النعمة" إذ ظهرت طبقة فاسدة مفسدة تنفق في النوافل على حساب ضرورات الناس.

وبما أن هذه الظاهرة لم تكن في الجاهلية، أو بالأصح كانت محدودة جداً ولا أثر بادياً لها كما بدا فيما بعد، صرنا نلقي باللائمة على الدين الجديد، كأنه المسؤول، أو السبب الذي أتاح الظروف لنمو هذه العشبة الضارة.

وقد يكون هذا صحيحاً لو لم نجد هذه الظاهرة لدى جميع شعوب الأرض من دون استثناء.

إنها ظاهرة ذات شروط مادية موضوعية لا علاقة للدين -أي دين- بها.

وربما كان العكس هو الصحيح، فجميع الأديان تقف ضد هذه الظاهرة وتكافحها أيما مكافحة، وتعظ بنقيض مراميها، وتحذر من مغبة نتائجها.

فكل الأديان تربط مشروعية العيش بالجهد المبذول فيؤكل الخبز من عرق الجبين وتحض على القناعة وعدم التهافت على الثروة لأن "النفس أمّارة بالسوء" و "قد يدخل الجمل في خرم الإبرة ولا يدخل غني ملكوت السموات".

لقد كانت الأديان واعية وعياً دقيقاً لارتباط حداثة النعمة، أو الثروة المفاجئة بالانجراف إلى الاستئثار والتبذير والإخلال بالصيغة العامة للحياة، وإفساد العلاقات الاجتماعية المتوازنة.

من الطبيعي ألا تظهر حداثة النعمة أو جنون الثروة في المجتمعات القديمة التي لم تعرف الطبقات ولا الهوة الكبيرة بين من يملكون ومن لا يملكون.

كما أنها لا تظهر في المجتمعات ذات الوتيرة المحدودة في تراكم الثروات، فلا تهبط النعمة فجأة على أحد.

وقد كانت المجاعة في هذه المجتمعات تجتاح الجميع تقريباً وبصورة عفوية تتعاون كل

/ 74