منطلقات البحث العلمی فی السیرة النبویة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

منطلقات البحث العلمی فی السیرة النبویة - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

يديه ولا من خلفه، وهو التدوين الأول
الصحيح لنصوص سيرة النبي الأكرم (ص)،
ولغيرها من شؤون وقضايا. ثم هناك ثروة
هائلة من النقول ـ وكثير منها يرتقي إلى
درجة التواتر القطعي ـ التي تكفلت
بالتاريخ لمختلف الموضوعات، خصوصاً ما
يحكي لنا منها مواقفه (ص)، وأقواله،
وأفعاله، ومناسكه، وعباداته، وسياساته،
وغير ذلك من شؤون تنوعت واتّسعت لتستقطب
كافة مناحي الحياة وجهاتها.
وهذه السعة والشمولية قد انتجت انتشار
المادة التاريخية في مختلف الكتب
والموسوعات، مثل: كتب العقائد، والرجال،
والفقه، والأنساب، والتفسير، وعلوم
القرآن، واللغة، والشعر، والأدب،
والجغرافيا، وغير ذلك من علوم إنسانية
إسلامية، كتبت بعد ظهور الإسلام، هذا
فضلاً عن كتب التاريخ والسيرة.
نظرة عابرة على المادة التاريخية:
وكان ما نقله الناقلون خاضعاً في دقته
وعمقه لمستويات ادراك، وتوجهات واهتمامات
الناقلين، ونوع ثقافاتهم. وقد تلمس في
بعضها درجة من السذاجة والسطحية تفقدها
صلاحية الاستدلال بها، أو الاعتماد عليها
في بلورة صورة واقعية، منسجمة المعالم عن
الحدث الذي يراد التاريخ له.
أما كتب التاريخ؛ فعدا عن أنها قد جاءت
انتقائية لأسباب مختلفة، فإنها قد اكتفت
بعرض الروايات للوقائع، وفق تسلسل زمني،
أو وفق هيكلية معينة، من دون أن تهتم
بدوافع الحدث ومحفزاته القريبة، فضلاً عن
ربطه بسائر المؤثرات والأسباب، أو الظروف
والمناخات التي انتجته، أو أثرت فيه بصورة
أو بأخرى، أما النتائج والآثار، فهي غائبة
كلياً أو تكاد عن ذهن الراوي، أو المؤرّخ،
إلا فيما شذ وندر، وحيث لا يجد أي حرج أو
تثريب في الإشارة إلى شيء من ذلك.
كتب السيرة:

أما الذين كتبوا السيرة، فقد وقعوا في
محذوري الإفراط والتفريط، حينما اهتم
فريق منهم بالناحية الفضائلية، والمعجزات
والكرامات، وكأنّ النبوة، متمحضة في الشأن
الغيبي، أو أنها مجرد حالة شخصية فردية
تعني الرسول الأكرم (ص) دون كل أحد سواه.
واهتم آخرون بالموقف السياسي،
والحاكمية، والقرار، والدولة، أو
بالحروب. فلم يكن ثمة نظرة شمولية بمستوى
شمولية الأسوة والقدوة للنموذج الإسلامي
الأول، والأكمل والامثل.

التحريف والتزييف:

وغني عن القول: إن بعض النقول لم تصل إلينا
سليمة ولا قويمة، بل تعرضت للتحريف
وللتزييف، عن عمد، أو عن غير عمد، حيث لم
يقتصر الرواة على نقل خصوص ما تيقنوه من
أحداث وشؤون، بل أضافوا إليه الكثير من
المظنونات، والحدسيات، أو المختلقات التي
صنعتها الأهواء، والعصبيات، والمصالح
الخاصة، والسياسات، التي رأت: أن من
مصلحتها نسبة ذلك إلى الرسول الأكرم صلى
الله عليه وآله وسلم، ليكتسب بذلك شرعية
وقداسة، تبعده عن الريب، وتجعله يحظى
بالرضا والقبول من مختلف الفئات والطبقات.
وقد كان للحكّام مساهمات واسعة في هذا
المجال. وذلك في ظل سياساتهم التي
اتّبعوها أو تابعوها، والقاضية بعدم
السماح بتدوين الحديث، أو روايته إلا
لأشخاص بخصوصهم. ثم عدم السماح بالعمل
ببعض السنن، ولا بالسؤال عن معاني القرآن
ومراميه. وذلك بعد أن فرضوا على كبار
الصحابة الإقامة في مدينة الرسول ومنعهم
من السفر إلى سائر البلاد.
ومضت الأحقاب والأجيال، حتى نشأ الصغير،
وهرم الكبير على هذه السياسات، التي رافقت
السياسات الصارمة القاضية بإبعاد الأمة عن
المصدر الأوثق والأصدق والأصفى للمعارف
على شموليتها وتنوعها. وهم أهل البيت
عليهم السلام، وتهجين أطروحتهم، وممارسة
رقابة دقيقة على كل ما يصدر عنهم، أو ينتهي
إليهم.
ثم لم يقتصر الحكام على المرتزقة، ووعاظ
السلاطين في تسويق ما زعموه أنه دين وعلم
ومعرفة وتاريخ.. بل تجاوزوا ذلك إلى ما هو
أخطر، وأمرّ وأدهى. حيث كانت الجريمة
الحقيقية هي تمكينهم مسلمة أهل الكتاب من
نشر ترهاتهم وأباطيلهم، التي لم تسلم منها
لا العقائد، ولا المفاهيم، ولا القيم،
وحتى أحكام الشريعة والدين، وذلك حينما
فتحوا لهم مساجد المسلمين ليقصّوا على
الناس، من إسرائيلياتهم.. وكان كبار رجال
الدولة حتى الخلفاء يحضرون مجالس القصص
تلك، فزادت بذلك جرأتهم، التي تنامت
وتكرست في ظل حديث مزعوم نسبوه إلى رسول
الله (ص) يقول: حدثوا عن بني إسرائيل ولا
حرج.
وأصبحت الإسرائيليات والأهواء ـ خصوصاً
أهواء الحكام ـ ديناً. وأصبح الإنحراف
شريعة. ومضت القرون والأحقاب بما فيها،
وصار الكثير من ذلك جزء من حياة الناس
اليومية وتأثر به تفكيرهم، ومفاهيمهم
وعاداتهم ثم أصبح جزء من تاريخهم الذي

/ 8