مواجع الشتات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مواجع الشتات - نسخه متنی

عبدالکریم ناصیف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العراق، يحرروا كردستان ثم يمضوا إلى
بغداد ليطيحوا بحجاجها الذي لا يحول ولا
يزول. في الجبال الوعرة هناك، لم يكن ثمة
طرق، ولم تكن قطارات ولا سيارات. فعادوا،
رب كما خلقتني. وسيلة نقلهم الوحيدة:
البغل. بذيله تتعلق أرواحهم، بحوافره
ترتبط مصائرهم، فكيف لا يكون الشخصية
الأهم فيهم؟ أحدهم أطلق عليه لقب
"المارشال"، وذهب ذلك مثلاً... الكل ينادونه
باسم "المارشال"، والويل لمن يرفع صوتاً
عليه أو سوطاً فهو أيضاً لديه وسائل زجر
وردع.
ذات مرة غضب من صاحبه فرفسه رفسة صرعته
أرضاً ثم انحدر انحدار جلمود حطه السيل من
عل، وصل إلى أقرب واد، سار إلى أن بلغ
الحدود التركية، هناك صده الأتراك، فهتف
به صاحبه وهو يستقبله متنفساً الصعداء:
"الحمد لله! الأتراك لا يستقبلون لاجئين
سياسيين مثلك، أيها المارشال"!! كان باقر
قد روى لهم قصة "المارشال" أكثر من مرة
وأكثر من مرة كانوا قد ضحكوا من مقاتلين،
"مارشالهم" بغل.
ـ المهم، تدخل نمر وكله رغبة في إعادة
الاهتمام إلى خطة العمل، كيف تصل إلى
القلعة يا رجل؟ ما تصورك؟
ـ تصوري، رد باقر وهو يشير إلى خارطة
للجنوب أفردوها أمامهم، نذهب حتى يسار
أرنون، من هناك نتجه إلى النهر، ومن ضفته
نتسلق السفح.
ـ والسفح شديد الانحدار إلى درجة تنقلب
معها بطناً لظهر إلى أن تدق عنقك، علق يسار
هازئاً.
ـ أو تقع في حقل ألغام تذهب فيه شذر مذر،
علق شوقي وهو جاد كل الجد.
ـ أو تظل تتسلق حتى مطلع الشمس لتجد نفسك
في مصيدة الجنود الإسرائيليين وقد ألقوا
فوقك الشباك، تابع نمر وقد بدا على سيماه
شيء من خوف.
ـ أتعلمون ما هي مشكلتنا، نحن العرب؟
فاجأهم باقر بسؤاله، ففتحوا أعينهم
تعجباً كله فحيح: ماذا!! لم ينتظر باقر سماع
الكلمة نفسها فقد رأى الفحيح في عيونهم،
مشكلتنا هي أننا لا يسمع واحدنا الآخر، بل
يسمع نفسه فقط، يحدث نفسه ويسمع نفسه، أما
الآخر، أفكاره، آراؤه فسقط متاع لا يعنيه
في شيء.
ـ حسن!! هات أيها الآخر؟ كلنا آذان صاغية
ولسوف نسمعك. عقب شوقي مطرقاً برأسه كأنما
شعر بالذنب وقد أدرك صواب الفكرة.
ـ أجل، هكذا!! اسمعوا وعوا!! بدأ باقر بصوت
عال ثم أخفض نبرته. اليوم جاءني أحدهم بسر.
ـ سر؟
ـ ما الذي تقوله؟
ـ أي سر؟
جاءت التعليقات من الرفاق جميعاً في آن
معاً، فتابع باقر بنبرة الهمس:
ـ ثمة، أسفل الوادي مدخل للقلعة إذا عرفته
صعدت إليها مباشرة، ودون أن تراك عين.
ـ واليهود، ألا يعرفون ذلك المدخل؟ سأل
شوقي باستغراب واستنكار.
ـ لا، أهل المنطقة فقط هم الذين يعرفونه.
ـ كيف؟ سأل هذه المرة نمر.
ـ تحكي الحكايات أن القلعة، مذ بنيت قبل
ألف عام، حفروا لها نفقاً يتصل بالنهر حتى
إذا ما حوصرت نزل المحاصرون إلى الماء
فجاؤوا به إلى قلعتهم. النفق واسع مدرج
يمكن لاثنين أن يصعداه معاً. فقط هو مغلق
من أعلى ومن أسفل. حدد ذلك الأسفل ثم أزح ما
يغلقه تجد نفسك في قلب العدو. تصوروا نحن
الخمسة في منتصف مهجع ينام فيه عشرون
جندياً إسرائيلياً، نفتح رشاشاتنا:
طررررر.. طرررررر.. نبيدهم جميعاً ثم نختفي
في الممر من جديد. أليست فكرة عبقرية؟
ـ عبقرية، لكن في عالم الجن والعفاريت.
علق يسار وهو غير مصدق.
ـ صحيح، باقر. أخشى أن تكون متأثراً
بحكايات ألف ليلة وليلة، علق شوقي مازحاً.
ـ بل هو على حق. تدخل أبو الليل بنبرة
حاسمة، أنا نفسي سمعت شيئاً من هذا القبيل:
ممر ودرج... مدخل ومخرج، لكن المشكلة كيف
نهتدي إلى ذلك المدخل؟ أين نجده؟
ـ نبحث عنه. بدأ باقر رده، لكن سرعان ما
قاطعه يسار:
ـ في الظلمة الحالكة أم على ضوء المشاعل؟
خارج مجال النظر أم تحت أنظار
الإسرائيليين؟ ولم يستطع باقر الإجابة،
فقد دوت فجأة صافرة إنذار.
في اللحظة ذاتها حدث عجيج وضجيج. حركة
واندفاعات. وبلمحة عين خلا الملجأ. بعضهم
ذهب إلى رشاشات الم/ ط بعضهم الآخر إلى
الملجأ الكبير، فيما ملأ دوي الطائرات
الفضاء وأصم هدير الانفجارات الآذان،
واشتعل الليل كله نيراناً وحرائق، فأبصرت
النجوم من عليائها صخوراً تتمزق وتراباً
يتطاير وأشلاء تتبعثر، بينها أشلاء شوقي
وقد تماهت بأشلاء الفولاذ الممزق بين
يديه.
لم ينم المعسكر تلك الليلة ولم يعرف سكينة
أو هدوءاً. كانوا يبحثون عن الأشلاء، وكان
باقر يبحث. على ضوء النجوم، ضوء المشاعل

/ 228