مواجع الشتات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مواجع الشتات - نسخه متنی

عبدالکریم ناصیف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عبد الكريم ناصيف
مواجع الشتات
(يا أنت يا خارطة الفتات
يا أمة الشتات)
رواية
الفصل الأول
ـ وجدتها!! قلعة الشقيف!! هتف باقر فرحاً
وكأنه طفل وجد لعبته الضائعة.
ـ مرحى!! أرخميدس!! هتف أبو الليل وقد جحظت
عيناه قليلاً، ألم تجد أسهل منها هدفاً
إسرائيلياً نضربه؟
ـ ألا يقول المثل؟ علق شوقي هازاً رأسه،
من كبّر الحجر ما ضرب، وباقر بارع دائماً
في اختيار الحجر الكبير كيلا يضرب.
ـ بل سأضرب. رد باقر بمزيج من حماسة وغضب.
ـ أجل، ستضرب لكن رأسك بالحائط، قاطعه
يسار وهو يقهقه قهقهة مجلجلة كتلك التي
اعتاد سماعها منه معسكر الحاصباني. مائة
وبضعة عشر فدائياً كانوا في المعسكر.
إسرائيل تعرفه جيداً، هو لا يبعد كثيراً
عن الشريط الحدودي الذي تحتله، وهي كثيراً
ما تقصفه. آثار قصفها أكثر من آثار الجدري
في وجه مجدور: هوى، خنادق، تشققات واسعة،
أكوام تراب، حجارة... مع ذلك كان معسكر
الحاصباني مقيماً لا يتزعزع. ملاجئه في
باطن الأرض تنظر بعين السخرية إلى
الطائرات الإسرائيلية وهي تشرق وتغرب
مرسلة حجارتها التي من سجيل وكل ظنها أنها
ستترك كعبة عبد المطلب خراباً يباباً، لكن
كعبة عبد المطلب ظلت راسخة الأركان لا تخشى
طير الأبابيل ولا تؤثر فيها الحجارة من
سجيل، وينفض المعسكر ريشه إثر كل قصف
مزيلاً عنه آثار الغبار والحجارة
مستعيداً نشاطه وحياته، وكأن شيئاً لم
يكن.
الملاجئ كهوف في سفح التلة، تتغلغل
عميقاً هنا وهناك، فلا تطولها قذيفة ولا
صاروخ. حين دخلها يسار أول مرة صاح "ها نحن
نعيد سيرة جدنا الأول"، "لكن جدك الأول كان
يعيش على الأشجار، ينط من غصن إلى غصن" "علق
شوقي ساخراً" ثم ضحك الجميع، وهم يلجون
ملجأهم قططاً تتلمس طريقها في الظلمة...
الظلمة وصلت إليها الكهرباء بعد ذلك..
والخلية الفدائية نفسها تبحث عن هدف للعدو
تضربه.
ـ لا، أنت مخطئ، عاد باقر مخاطباً صحبه
وقد كفكف قهقهته تحت نظرات اللوم
والتقريع، لن أضرب رأسي بالحائط، بل سأضرب
رؤوس اليهود في قلعة الشقيف.
ـ لكنها قلعة منيعة... تدخل شوقي، ابن
لبنان، الخبير بأرض الجنوب وجغرافيته.. من
المستحيل الوصول إليها يا عزيزي!!
ـ قل من الصعب... لكن ليس من المستحيل، رد
باقر وقد بدا أكثر حماسة وإصراراً.
ـ لكن لماذا القلعة بالذات؟ تساءل نمر هذه
المرة، وهو يكبر في رفيقه أفكاره الألمعية
التي يفاجئهم بها من حين إلى حين وكأنها
شهب السماء.
ـ ها!! هذا سؤال ذكي. هتف باقر، لماذا!! تابع
وهو شبه شارد.
ـ أجل، انطق. هتف يسار نافد الصبر.
ـ لأنك يا عبقري، يجب أن تضرب العدو حيث لا
يتوقع وتأتيه من حيث لا يحتسب.
ـ في هذا معك حق، صاح أبو الليل مغتبطاً
"اظهر حيث لا يتوقعك العدو وحيث يتوقعك لا
تظهر". هو ذا لب حرب العصابات، الخلية كلها
تعرف ذلك المبدأ. منذ البدء لقنوهم إياه،
هم الخمسة، وقد جاؤوا من كل واد عصا:
شوقي من لبنان.. باقر من العراق، نمر من
الأردن، أبو الليل من فلسطين ويسار من
سوريا. مع ذلك هم متجانسون... متناغمون...
وهم فرحون بذلك التناغم والانسجام.
"الاستعمار فرقنا لكن فلسطين جمعتنا"، كان
شوقي يردد وكان فرحاً أن يجد على أرض لبنان
أبناء الوطن العربي الكبير، وقد جاؤوا
يقاتلون من أجل قضية واحدة. "إن لم يكن
للبنان فضل إلا أنه جمع العرب في جنوبه،
فحسبه وكفى"!!
كان لا يفتأ يقول وكان باقر يستمتع بما
يقول، يستمتع بأن يراه تجسيداً حياً لفطرة
إنسانية لم تشوهها أدران الحضارة.
ـ لكن، أتعلم ما هي القلعة؟ عاد يسار إلى
تساؤله شبه مستنكر.
ـ هي جدار مصمت من أسمنت، ارتفاعه ألف متر!
رد باقر وعيناه تلمعان ببريق التحدي.
ـ مع ذلك تفكر بـ .. بدأ يسار ساخراً لكن
سرعان ما قاطعه أبو الليل وهو ينظر نظرة
خاصة إلى صاحبه.
ـ ولم لا؟ إنه باقر خبير تسلق الجبال...
فاسمعوه وأطيعوه.
ـ أنت تسخر أبا الليل؟ رد باقر بنبرة
التحدي ذاتها. ثلاث سنوات في جبال
كردستان، أليست تجربة تستحق الاحترام؟
ـ بالتأكيد. رد يسار ضاحكاً مقهقهاً،
بعدئذٍ تابع. خاصة، أن أهم شخصية فيكم كانت
بغلاً، وأطلق يسار من جديد قهقهة مفرقعة
كحبات ذرة في مقلاة.
باقر نفسه لم يستطع منع نفسه من الابتسام،
فقد تذكر فصيل الرفاق، هناك في كردستان،
حيث ذهبوا كي يحاربوا النظام الحاكم في

/ 228