مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد الشهيد محمد محمد صادقالصدرقدس سرة الشريف
الجزء الثاني
سورة العصر+ النصر + الفلق + بحث في نظرية
الأسراء والمعراج للسيد بسم الله الرحمن
الرحيم)
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ
يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجاً َسَبِّحْ بفِحَمْدِ رَبِّكَ
وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّاباً) (النصر) في اسمها عدة اطروحات
اتضحت أسبابها مما سبق :- أولا : النصر
ثانيا: الفتح ثالثا: السورة التي ذكر فيها
النص أو التي ذكر فيها الفتح رابعا: إذا
جاء خامسا : رقمها في الترتيب الموجود
للقرآن الكريم وهو :110 سؤال/ما معنى (جاء)في
قوله تعالى :(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ )؟. جوابه: معناه :حصل الفتح
وحدث,و المراد أما المجيء في الزمان.أو
بتقدير الزمان..يعني إذا جاء يوم الفتح أو
زمانه . أو يراد به المجئء المعنوي وهو
الحصول والتحقيق نفسه .وهو تعبير أخر عن
الخلق في قوله تعالى:( وَأَنْزَلْنَا
الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شديد)(الحديد:25)
فسمي عملية الخلق بالتنزيل ,أي من العالم
الأعلى إلى العالم الأدنى .وكلمة جاء هنا
متضمنة لنفس هذا المعنى . سؤال : ما الفرق
بين النصر والفتح ؟ جوابه :لاشك انهما
مختلفان لغة ومفهوما . وأرد تعالى التنبيه
على كلا المفهومين و يمكن تصورهما على عدة
مستويات : الأول : أن يكونا معا في الدنيا ،
وهذا هو المنحى التفسيري المشهوري أو (
المادي ) فيكون النصر مقدمة ً للفتح ،
وربما خصوه بفتح مكة . الثاني : أن يكونا
معاً في الآخرة أي النصر المعنوي والفتح
المعنوي . ويكون النصر على النفس الأمارة
بالسوء . ويكون الفتح بمعنى فتح العقل
وامكانية الفهم وتلقي العلوم, سواء ,كان
ذلك من الظاهر أو من الباطن . قال تعالى
(أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ
اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ
بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) (البقرة:76) أي بما
فتح الله علماً من المعارف والعلوم ،لا
بمعنى فتح مكة . وإذا كان الفتح متزايدا
وعميقاً في العقل, فهو الفتح المبين قال
الله تعالى (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ
فَتْحاً مُبِيناً) (الفتح:1) الثالث : أن
يكون أحدهما دنيويا والأخر معنوياً أو
أخروياً , وعلى هذا المستوى يكون المعنى :
أن تنتصروا انتصاراً دنيوياً نفتح لكم
فتحاً معنوياً ,إلا أن وحدة السياق تأبى
هذا الوجه وتدعم أحد الوجهين السابقين .
والفرق بين النصر والفتح هو : أن النصر
يتضمن المقدمات بينما الفتح يتضمن
النتائج ولذا قيل : الهدم قبل البناء , كما
في هدم العقائد الفاسدة , فأنه ليس بالأمر
اليسير بل يتم بالتسديد الإلهي والرحمة
الإلهية . وعلى أي حال فكل فتح يحتاج إلى
مقدمات, واهم مقدماته : النصر وأزاله
العوائق, وهذا معنى سار في كل فتح ونصر ,
سواءٌ أكان ماديا أو عسكرياً أو عقلياً أو
نفسياً أو في أي عالم خلقه الله تعالى .
سؤال : هل المراد فتح ونصر معين أو كلي ؟
جوابه: أن في ذلك عدة أطروحات : الأطروحة
الأولى : أن المراد به فتح مكة , وفي ذلك
نقطة ضعف ونقطة قوة , أما نقطة ضعفه: فهي
مخالفته للرواية3- على أن هذه الصورة نزلت
قبل وفاة النبي(ص) بسنتين , في حين أن فتح
مكة وقع قبل ذلك بعدة سنوات , ومن المستبعد
أن يكون البعد الزماني كبيراً بين فتح مكة
ونزول السورة إذا كانت قاصدةً له, ومعه
تكون تلك الرواية مخلفة لظاهر القرآن
الكريم ، فتسقط عن الحجية , لان ذاك البعد
الزماني يكون كالقرينة على أن المقصود
معنىً أخر ، بالقياس الاستثنائي . ونقطة
القوة فيه : استعمال لفظة ( الفتح ) الدالةُ
على أن مكة المكرمة كانت محصنةً بالسور أو
بالقوة الكامنة فيها . ولم يحصل مثل هذا
الفتح في عصر النبي (ص) إلا لمكة , وتكون
الآلف واللام عهديه, أي إشارة إلى ذلك
الفتح الرئيسي , واما فتح المدينة المنورة
فلم يحصل بالقوة بل بالصلح . وبذلك تندفع
تلك الرواية المشار أليها باعتبارها
مخالفةً لظاهر القرآن الكريم ,ويتعين كون
السورة بناءاً على هذه الأطروحة, نازلة
بعد فتح مكة مباشرةً . الأطروحة الثانية :
أن يراد الإشارة إلى واقعة مهمة ، ولكنها
مجهولة . تصحيحاً للروايات المروية في
المصادر العامة 1- : بأنها نزلت قبل وفاة
النبي (ص) بسنتين وهذا في نفسه مستبعد .
الآن تلك الحادثة إذا كانت مهمة حقيقية
كانت مروية ومعلومة تاريخياً ولا يمكن لها
عادة أن تكون مجهولة . الأطروحة الثالثة :أن
يراد بالنصر والفتح, معناهما لكي يقابل
بالانطباق على كل نصر وفتح ,وهذا معنى جيد ,
وان أستبعد الطبطبائي (2 ) أن قلتَ: أن فهم
المعنى الكلي مترتب على كلية اللفظ ، كما
في الفتح أن كانت الآلف وللام فيها للجنس ,
ولكن ذلك مفقود في ( نصر ) فأنها نكرة لا
تفيد الشمول . قلتُ : أن كلمة (نصر ) مضافة