مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد الشهيد محمد محمد صادقالصدر(قدس سرة الشريف) الجزء الرابع عشر
من كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآن
للسيد الشهيد محمد الصدر رضوان الله عليه
سورة العاديات
في تسميتها , كما في أغلب السور , عدة
أطروحات : أولاً : العَادِياَت . وهو
المشهور . ثانياً : السورة التي ذكرت فيها
العَادِياَت . ثالثاً : إعطاؤها رقمها في
المصحف الشريف وهو : مئة . قوله تعالى :
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً . الواو للقسم ,
وقلنا - في سورة العصر -: إن الخلق يقسم
بالله تعالى , والله تعالى يقسم بماء يشاء
من خلقه . فالمسالة هنا اختيارية من قبله
سبحانه . فهو قسم لاجل التوصل إلى نتيجة و
(إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
.وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ)
فالقسم لاجل التركيز والتأكيد على ذلك .
سؤال : ما هو معنى العاديات ؟ جوابه : قال في
المفردات 1- : العدو : التجاوز ومنافات
الالتئام . فتارة يعتبر بالقلب , فيقال :
العداوة والمعاداة .وتارة بالمشي فيقال له
: العدو . وتارة في الإخلال بالعدالة في
المعاملة , فيقال : العدوان والعدو. أقول :
والعادي أسم فاعل من عدا وهو من الركض . وهو
على معنيين . مادي ومعنوي . والمعنى الأول :
له عدة تطبيقات : الأول : الأفراس الراكضة
نحو الحرب . الثاني : الإبل الذاهبة إلى منى
يوم العيد . الثالث : الحجاج الذاهبين من
موقف الى موقف . الرابع : المسافرين الذين
يركبون ( الإبل ) في أي سفر . المعنى الثاني :
أي العَدْو المعنوي وتطبيقه : شحذ الهمة
للاستهداف لاجل نتيجة معينة . وله مصاديق
عديدة دنيوية وأخروية , كطلب العلم وطلب
رضا الله وطلب الجنة . إذا أخذنا من العدو
وهو الركض . أما إذا أخذنا من الاعتداء ,
وهو - حسب فهمي أعم من السوء والخير ,وإن
كان عرفاً أقرب الى السوء . وذلك يراد به
تحمل المسؤولية تحملاً ضخماً ومهماً ,
سواء كان بالخير أو بالسوء . فيكون له عدة
مصاديق , ومصاديقه بالسوء : المعتدون أو
الاعتداء . قال تعالى :غَيْرَ بَاغٍ وَلا
عَادٍ(البقرة:الآية173) وهو في الآيتين أسم
فاعل , إلا إنه هنا جمع وهنا مفرد . وكذلك من
مصاديقها :بلاء الدنيا من حيث انتسابها الى
الأسباب كالمرض والفقر وظروف التقية .فانه
نحو من تحمل المسؤولية - كما قلنا - . أما من
حيث انتسابها الى الله فهو خير , لأنها من
أجل الامتحان واختبار والصبر سؤال : ما هو
الحديث في قوله : ضَبْحَاً ؟ جوابه : قال في
الميزان 1- : الضبح صوت أنفاس الخيل حين
عدوها . وهو المعهود المعروف من الخيل .
وقال الراغب 2- : قيل : الضبح صوت أنفاس
الفرس تسبهاً بالضباح وهو صوت الثعلب .
وقيل : هو خفيف العدو . وقيل : الضبح كالضبع ,
وهو مدّ الضبع في العدو . وقيل : أصله إحراق
العود ,وشبه عَدْوَهُ به كتشبيهه بالنار
في كثرة حركتها .
1- ج2 , ص 345 . 2- المفردات مادة " ضبح "