مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد الشهيد محمد محمد صادقالصدرقدس سره الشريف
الجزء السادس عشر
من كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآنللسيد الشهيد محمد الصدر رضوان الله عليه
ســـورة الزلزلة وفي تسميتها عدة أطروحات
: أولا : الزلزلة : وهو المشهور . فانه كان
لفظ الزلزلة غير موجود , إلا إن مادتها
موجودة . ثانياً : الزلزال .كما في بعض
المصادر 1- . هو لفظ موجود في السورة مع حذف
المضاف . ثالثاً : السورة التي ذكر فيها
الزلزال . إذا سرنا على حسب ما ذكره الشريف
الرضي في مجازات القرآن . رابعاً : إِذَا
زُلْزِلَتِ . يعني باللفظ الذي بدأت به
السورة . خامساً : برقمها في المصحف السائد
, وهو :99 . سؤال : ما هو معنى الأرض في قوله
تعالى : إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ
زِلْزَالَهَا . وما المراد من زلزالها ؟
جوابه : إن هنا عدة أحتمالات . باعتبار
انقسامات ثلاثة : الانقسام الاول : ان
الارض هل يراد بها الارض المادي أو
المعهودة او الارض المعنوية , باعتبار ان
النفس لها ارض وسماء . فارضها الشهوات
وسماؤها العقل . الانقسام الثالث : انه هل
يتحرك بالزلزلة المجموع ام البعض ؟ فتكون
الاحتمالات ثمانية ناتجة من ضرب الاثنين
في نفسها ثلاث مرات2×2× 2 . ونستعرض فيما يلي
مجملها . مقتضى قهم المشهور ان المراد من
الارض : الكرة الأرضية . فيرد عليهم هنا
سؤال :هو هل ان الزلزلة المذكورة تشمل كل
الأرض أم بعضها ؟ فان كانت تشمل الأرض كلها
, فيرد عليه اشكالان. الأشكال الأول : عدم
تحقق ذلك تأريخياً . الأشكال الثاني : وهو
الأهم أنهم قالوا في علم الفلك إن سبب عدم
الإحساس بحركة الأرض حول نفسها ونحو ذلك ,
هو : إن الحركة فيها كلية وليست موضعية . أو
قل :إنها حركة مجموعية لمجموع الأرض .
وليست لجزئها . زمن جملة مصاديقها : ما إذا
كان الأنسان راكباً في واسطة نقل , فانه لا
يحس بحركتها ولا حركته , مع كونهما متحركين
واقعاً . فإذا عرفنا ذلك , فإن الزلزلة إذا
أصابت كل الأرض , فستكون حركتها كلية , ولن
يُحس بها مهما كانت سريعة .هذا مضافاً الى
وجود الجاذبية , ووضح إن الأرض حينئذ تتحرك
مع طبقاته الهوائية وليس وحدها. وهذا يدعم
عدم الإحساس بالحركة . ومعه يتعين على فهم
المشهور إن تكون حركة الزلزلة في جزء
الأرض لا في الجميع . في حين إنه يفهم الأرض
كل الأرض لا الجزء . فبقع في تهافت واضح .
فلابد من عرض الامر بشكل أخر . الفهم الأول
: عن المراد من الأرض مجموع الأرض , ومن
الزلزلة حركتها حول نفسها طبيعياً . إلا
إنه لا يتم لامرين : أحدهما : إن السياق
سياق التهويل والتهديد , وهذه الحركة
فاقدة لذلك . ثانيهما : إن السياق سياق دال
إن هذه الحركة لم تحدث لحد الآن وإن التنبؤ
قائم على حصولها في المستقبل . كما هو
المستفاد من قوله تعالى : إِذَا
زُلْزِلَتِ . مع إن هذه الحركة متحققة فعلا
ً. الفهم الثاني : ان يكون المراد الزلازل
الاعتيادية لجزء من الأرض . ويرد عليه كلا
الإشكالين السابقين , ومضافاً الى إمكان
القول : بإن المراد من الأرض كلها لا جزأها
, ولو باعتبار إن الأصل في الآلف واللام
الجنسية لا العهدية . فتأمل . الفهم الثالث
: أن يراد تحرك الأرض كلها بشكل غير معهود
كما لو كانت تهتز ونحو ذلك .وبهذا تندفع
الإشكالات الواردة على الفهمين السابقين .
مع إمكان دعمه بان السياق يدل على حدوثه
بالمعجزة, لا 1- أنظر
الميزان :ج2 , ص 341 . القانون الطبيعي . ويكون
هذا الفهم مؤيداً للمشهور بحدوثه عند يوم
القيامة . الفهم الرابع :إن يراد تحرك بعض
الأرض بشكل غير معهود . ويرد عليه مضافاً
إلى ما قلناه في الأشكال على الفهم الثاني
, وجهان آخران : الأول :إن قوله :
زِلْزَالَهَا يشعر بإن الزلزال المشار
اليه هو زلزال عظيم . بحيث تكون نسبة
الباقي اليه كالعدم . وهذا كما يكون قرينة
على عدم إرادة الزلازل الأعتيادية , يكون
قرينة أيضاً على عدم كونه في جزء بسيط من
الأرض , وإن لم يكن أعتيادياً , لانه على
كلا التقديرين لا يتصف بتلك الصفة . الثاني
: قوله : وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ
أَثْقَالَهَا , مشعر بإن ذلك نتيجة
الزلزال, والزلزال لا ينتج مثل ذلك , بل
وجهاً للمناقشة عدد من الوجوه السابقة
أيضاً . الفهم الخامس : أن يكون المراد
بالأرض :الأرض المعنوية وهي أرض النفس .
فإن قلت : وما ربط ذلك بالزلزلة ؟ قلت : أن
نفهم منها الزلزلة المعنوية , فإن النفس
تتزلزل عند البلاء الدنيوي وعند الفرح
والحزن والغضب والشكوك وغيرها . ولعل كل
أفراد البشر قد مروا في ذلك . ومعه فيكون
المراد من قوله تعالى وَقَالَ
الْأِنْسَانُ مَا لَهَا .يعني : صاحب تلك
النفس وحاملها . فإن قلت : إننا عرفنا إن
المراد الإشارة الى زلزال رئيسي , عظيم
الأهمية , فهل لدى النفس شيء من هذا القبيل
؟ قلت: نعم ولذلك عدة مصاديق أوضحها ما