مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد الشهيد محمد محمد صادقالصدر(قدس سره الشريف) الجزء السابع عشرمن كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآن
للسيد الشهيد محمد الصدر( رضوان الله عليه
)
ســـورة القدر
أما عن تسميتها ففيه عدة أطروحات : الاولى: سورة القَدْر وهو المشهور جداً بل
المتسالم عليه عملياً . الثانية : السورة
التي ذكر فيها القَدْر ِ او التي ذكرت فيها
لَيْلةُ القَدْر ِ . الثالثة : رقمها من
المصحف الشريف . وهو 97 . الرابعة : بأول لفظ
فيها وهو المشهور عند العامة : إنا
أنزلْناهُ . ويمكن ان نذكر لهذه السورة
مقدمة كما يلي : هذه السورة ملحوظة لحاظ
خاصاً من قبل الله تعالى , وفيها دلالات
على مزايا يعبر عنها فلسفياً بتعبير
ومتشرعاً بتعبير آخر . أما الفكرة
الفلسفية , فهي أنهم قالوا : ذكرنا في
كتابنا ( حديث حول البداء ) 1- :ان الأوامر
تنزل على النفس الفلكية العليا والتي تسمى
" فلك الأفلاك " ثم تتوزع على مواردها
ومصاديقها . وهو ما يحصل في ليلة القدر . ثم
يتم التوزيع خلال السنة بالتدريج . ويرد
عليه : ان هذه الأفلاك متناهية ومواردها في
الخلق لا متناهية . فكيف تتحمل الأوامر
المتعلقة بجميع الخلق ؟ أجابوا على ذلك :
انه عليه اوامر سنة واحد , وهي محدودة ,
فتتحملها تلك الأفلاك المحدودة . سواء
كانت رَحَمات أم نقمات كبيرة كانت أو
صغيرة . وأما الفكرة التشرعية , فانهم
قالوا: كما ورد في الأخبار المستفيضة 2- :
تنزل على الإمام الحي ( عليه السلام ) في كل
عصر أوامر السنة الكاملة في ليلة القدر .
ويمثلونها . بصحيفة مكتوب عليها ما يكون
الى سنة , ويوقع عليها الإمام ويقرّها . وقد
ورد عنهم عليهم السلام 3- :ان الأوامر تصدر
عن بيوتكم . أي عنكم . فهذه هي أهم مزايا هذه
السورة , ولعله هدفها الأساسي . سؤال : لماذا
سميت ليلة القدر ؟ جوابه : لذلك عدة أطروحات
غير متنافية : الأطروحة الأولى : القدر
بمعنى العظمة والجلالة والمنزلة والمهابة
. أي ليلة المنزلة العظيمة . الأطروحة
الثانية : القدر من القدرة , والقدرة مؤنث
القدر أي ليلة القدرة . فهي تدل على قدرة
الله .فكأنه تنزل قدرة الله وسلطنتهُ
وتدبيره للكون . الأطروحة الثالثة : القدر
بمعنى الحد التكوني الثبوتي : فقدره كذا أي
حده كذا . غير قابل للزيادة والنقيصة .
والمعنى : الليلة التي يبت فيها عن تحديدات
الأمور تكوينياً . الأطروحة الرابعة :
التقدير الاثباتي . يعني بيان الشيء . وهو
ما ذكره الراغب , حين قال :4- والقدر
والتقدير تبين كمية الشيء . الأطروحة
الخامسة : الليلة التي يقدر فيها حوادث
السنة في مرتبة المحو والإثبات ويحصل
انزال هذه الأوامر في النفس الفلكية التي
تطبقها خلال السنة . أو ينزل على الإمام
الظاهري ( الحي ) لكي يمضيها ويوقع عليها .
ويدل عليه قوله تعالى :إِنَّا
أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ
إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً
مِنْ عِنْدِنَا)(الدخان: من الآية5)
1- ص :27 . 2- أصول الكافي ,
كتاب الحجة حديث 2, ج1 , ص 247 . 3- مفاتيح
الجنان , ص :423.