بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الأصالة والتراث ومقومات الهوية ومنها اللغة والعقيدة والتقاليد، وأنها تستدعي قطيعة من نوع ما، وتجدداً يبدأ بالتنكر للذات. وكأن التحديث والاحتفاء بالعلم والعمل به، يتنافى مع الجنس العربي واللغة العربية بما حملت، ومع الإيمان وما يوجبه ويوحي به، ومع الأخلاق والأعراف الاجتماعية والسلوك المحكوم بقيم العروبة والإسلام!! والكثير من شبابنا، اليوم ينصرف عن جهاد النفس، والعلم المحض، والعمل المجهد، وتحمل مسؤولية القضايا الكبرى والتضحية على طريقها إلى المتعة السهلة والاهتمام السطحي والاستغراق في "نِعَم" مجتمع استهلاكي مستورد وقيمه ومواصفاته وما يرفعه ذلك المجتمع من معايير، وهو في ذلك يعيش التباساً يزيد درجة الإحباط وضعف الرؤية وسطحية الاهتمام. ذلك أنه إذا كانت الحياة لا تعاش إلا مرة واحدة فقط، وعلى الشخص ألا يضيع فرص عمره وحظوظه من النجاح والسعادة، فإن ذلك بالذات يقتضي التدقيق في نوع الفرص ومعاني النجاح والسعادة وكل ما ينبغي أن يقتنصه الأسوياء ويسعون إليه، وإن تلك السعادة ينبغي ألا تتنافى مع المكانة المرموقة للفرد والمجتمع والأمة بين الناس، ولا مع الكرامة الشخصية التي لا تنفصل عن كرامة الأمة والوطن، ولا عن الحرية المسؤولة التي تجعل الحر الحق هو الذي يحرره الوعي المعرفي وامتلاك القوة بشمول معناها، وهو ذاك الذي يتخلص من عبودية الجسد والشهوة وسوء الخلق، ليكون حراً بالمعرفة وبالعبودية لله وحده وليس لعبيده.. وهو الذي لا يقبل وطناً محتلاً أو يرتع فيه المفسدون وينخره الفساد، ويرفض أن يعش حالة من العمَه والعته تجعله يرى في الإمبريالية الأميركية وحليفها الصهيوني قوة محررة، أو تصنع التحرير باحتلال أرض الآخرين وإرادتهم وجعلها تحت وصاية من يحتاج إلى ترشيد وتحرير من البغضاء والكراهية والجهل. وأناس في أمة لا يملكون أن يحرروا اقتصادهم وقرارهم وسيادتهم وعقولهم، لا يحققون الحرية بمجرد استهلاك إنتاج الأقوياء المستغلين وتقليدهم في أشكال الملبس والمأكل والسلوك، واستقدامهم بشكل مباشر أو غير مباشر لإنتاج الحرية والديموقراطية والنهضة في ظل الاحتلال، وفقدان الأمن والإرادة والاستقرار، ولا يكون ذلك بالسير في طريق الانتحار المعنوي والمادي على المدى البعيد بالعيش في وهم امتلاك منتَج القوة بالقوة الشرائية، ومجد "التحرير" بالاحتلال، واتباع سلوك يؤدي إلى الانحلال في إطار وهم ممارسة الحرية والتحرر من كل قيد وعرف وتقليد وقيمة؟!. وشبابنا الذي ورث خيباتنا وإحباطنا، وحصد الزؤان الذي بذره جيل أو أجيال سابقة منها جيلنا، يغرَق ويغرِق ما تبقى لـه، ولنا من أمل إذا اعتقد أن خلاصه يكمن في الخروج على ما تبقى من التزامات يرتبها الانتماء لواقع الأمة القاسي، الذي ينتج ما يعاني منه الجميع من إحباط وضعف، وفي التحلل من كل تبعات القضايا وإرث الماضي، والانطلاق من رؤية محدودة منقوصة تصور لـه أن كل ما دعا إليه الذين لم يحققوا انتصاراً عربياً تاماً، وتقدماً علمياً شاملاً، ويقظة معرفية منقذة يجب التخلص منه وهجره وتدميره، ليكون هناك من بعد تقدم، وتكون حياة بلا أزمات خانقة وبلا منغصات عيش.. ويكون هناك ازدهار.. وصولاً إلى دخول عصر المتقدمين الأقوياء.. والانتماء إليهم بالتبعية والتقليد الأعمى، والتنازل عن كل ما يطلبون التنازل عنه من الحق والأرض والكرامة إلى الهوية والعقيدة ومنظومات القيم! فالمعارك التي لم تحسم والصراع المستمر، ومعترك التحرير والتحرر والتقدم العلمي والاجتماعي، التي خاضتها أجيال سابقة ولم تصل إلى نصر ونجاح تامين، وخلفت كل هذا الرصيد من الألم المر والأمل المهيض الجناح؛ خاضتها تلك الأجيال في ظل ظروف صعبة جداً من الفقر والتخلف والأمية والاستعمار المباشر، وفقدان القدرة واختلال التوازن الذي يعود لأسباب ومعطيات بعيدة الغور في التاريخ. والنظر المنصف يستطيع أن يرى كم حققت الأجيال من تقدم، بعد بذل الجهد ومتابعة الجهاد إذا وقف على حجم التآمر والتواطؤ من جهة، وعلى حجم الإنجازات ومداها من جهة أخرى، مع مراعاة تزايد السكان، وازدياد حجم التآمر أو التواطؤ، وحجم الهم الذي راكمته أحكام أقرب إلى الطغيانية، رعتها جهات استعمارية لأغراض وأهداف واضحة، في ظل معطى علم حقق القوة، وقوة تمكنت بالعلم وفرضت حقائقها، فهيأ ذلك لأصحابها تقدماً حسب متوالية هندسية، في حين نتقدم -إن تقدمنا - حسب متوالية عددية. وشبابنا الذي يقع في كل دقيقة من دقائق يومه تحت تأثير الضخ الإعلامي المعادي أو