بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
طبقات الشعراء عبدالله بن المعتز من نوادر التراث العربي، كان في حكم الكتب المفقودة في القرون الأخيرة، حتى عثر عليه الأستاذ عباس إقبال، فقام بنشره مصوراً مع دراسة عنه بالفرنسية في باريس 1938م، قبل أن تتبرع لنشره لجنة جب التذكارية سنة 1942م. والمخطوطة الفريدة التي عثر عليها الأستاذ عباس كتبت حديثاً في شوال سنة 1285ه فيحتمل أن الأصل الذي نقلت منه ما يزال موجوداً، وهي نسخة خالية من الضبط، مملوءة بالأخطاء، قد زورت لها مقدمة ظاهرة الوضع، وسقطت منها خمس تراجم. بالمقارنة مع (مختصر الطبقات) الموجود في الأسكوريال، وهو الأثر الوحيد للطبقات، ويقع في (49) ورقة، شرع أبو البركات الأربلي في اختصاره حوالي سنة 590ه وكمله سنة 630ه. أما المقدمة الموجودة في المخطوط، فهي مقدمة منحولة لا تصمد أمام بضع خطوات من البحث العلمي، وربما رقى الشك إلى عنوان الكتاب، حيث أن الكتاب في حقيقته ليس كتاب طبقات، وهو في موضوعه أقرب إلى التسمية التي سماه بها حمزة الأصفهاني: (الاختيار من شعر المحدثين) إلا أن معظم من نقلوا عن ابن المعتز سموا كتابه (طبقات الشعراء). وقد كتبه ابن المعتز في أيام قصار من أخريات حياته بعد عام 293ه، وعني فيه بجمع المفاكهات والنوادر والمحاسن التي أثرت عن شعراء عاشوا في بلاط بني العباس وقصور وزرائهم ورجالاتهم. وأفاد الأربلي أن الكتاب يشتمل على (131) ترجمة، بينما تضم النسخة التي بين يدينا (127) ترجمة، وقد عثر الأستاذ عباس في المختصر على التراجم الخمس الساقطة، ومنها ترجمة (ابن هرمة) التي افتتح بها ابن المعتز كتابه. أما من حيث التاريخ فأقدم من ترجم لهم فيه (بشار بن برد) المتوفى سنة 167ه وآخرهم (الناشئ) المتوفى سنة 292ه ومحمد الشيرازي الذي قال في ترجمته: (وهو اليوم شاعر زماننا). ويؤخذ على ابن المعتز إهماله لذكر ابن الرومي الذي توفي قبله ب(13) سنة، وهو صاحب أكبر ديوان في الشعر. بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الذي أقحم مصاقع الفصحاء بمعجز كلامه، وأخرس شقاشق البلغاء بترتيبه ونظامه، وبهر العرب العرباء باختراع مفتحه وختامه، الذي لا يرتقي نز الأوهام إلى زلازل كنه جبروته، ولا يستحوذ لهام الأفهام على سبر نقطة من مساحة بيداء ملكوته، ولا تؤمل أفكار الحكماء الراسخين، إدراك لمعة من أثيريات لاهوته. ميز نوع الإنسان عن جنسه بفصل الكلام، وفضلّ منه صنف الملوك فعظمت فضائلهم المشتركة بين الخاص والعام. واختص من خلقه نبينا محمداً عليه أفضل الصلاة والسلام. أحمده حمد معترف بالقصور عن أداء ما يجب منه عليه، وأشكره شكر مغترف من بحور فضله منيباً بكليته إليه. والصلاة والسلام على من اهتزت بأرواح نصرة أعطاف دولة العرب، فماج بها خضم دول الأكاسرة والقياصرة فاضطرب، وخضع من إعمال حسامه ربّ التاج والسرير لصاحب الشاة والبعير، فعطست العرب فرحاً بأنف العز الشامخ، وجرت مرحاً ذيل الشرف الباذخ الذي أبكى بمولده عيون الكفرة فخمدت نار فارس، وضعضع دعائم الفجرة فأصبح إيوان كسرى وهو طلل دارس، محمد المبعوث لامتطاء العباد جادة الرشاد، المبلغ عن الخالق إلى الخلائق قوانين الصواب والقواعد السداد، وعلى آله الذين شيدوا من بيوت الدين قواعد، وشرفوا بأقدامهم أعواد المنابر وساحات المساجد، وأصحابه أئمة الدين ورؤساء أهل اليقين بدور التمام ومصابيح الظلام، ما لمع البرق وغنّى الحمام، وأضحك الروض بكاء الغمام وبعد: فيقول أفقر العباد إلى الله عبد الله بن المعتز بالله بن المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله بن الرشيد بن هارون بن المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه: عقد الفكر طرفي ليلة بالنجوم، لوارد ورد عليّ من الهموم ، نفض عن عيني كحل الرقاد، وألبس مقلتي حلل السهاد، فتأملت فخطر على الخاطر في بعض الأفكار، أن أذكر في نسخة ما وضعته الشعراء من الأشعار، في مدح الخلفاء والوزراء والأمراء من بني العباس، ليكون مذكوراً عند الناس، متابعاً لما ألفه ابن نجيم قبلي بكتابه المسمى طبقات الشعراء الثقات، مستعيناً بالله المسهل الحاجات، وسميته طبقات الشعراء المتكلمين، من الأدباء المتقدمين. فكان أول ترجمة ابن نجيم بشار بن برد وما له من الأشعار والآثار فنظرت في ذلك أن أجمعهم في هذا الكتاب، فرأيت الاختصار لأشعارهم عين الصواب، ولو اقتصيت جميع ما لهم من الأشعار لطال الكتاب، وخرج عن حد القصد، فاختصرت ذلك وذكرت ما كان شاذاً من دواوينهم، وما لم يذكر في الكتب من أشعارهم، واقتصرت على ما كان من مطولات