ظاهرة القارونیة، من أین؟ إلی أین؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ظاهرة القارونیة، من أین؟ إلی أین؟ - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الكائنات الحية بأمر جوهري وبالغ
الأهمية، لما يتركه من آثار بارزة وعميقة
على الحياة بمختلف شؤونها وحالاتها، وعلى
كثير من الروابط والعلاقات التي تربط فيها
بين هذا الإنسان، وبين كل ما ومن يحيط به في
العالم العتيد والرحيب.
وهذا الأمر هو: أن الآدميين حين يولدون،
فإن أقرب صفة يمكن أن تشير إلى واقعهم هي:
أنهم مجرد "بشر". لا أكثر، فكلّ منهم يولد
فاقداً لجل، إن لم يكن لكل القدرات،
والطاقات، والمميزات، والخصائص التي
يفترض أن تكون هي العناصر التي يتشكّل
منها بمجموعها كيانه، وشخصيته، ووجوده ؛
ولتتخذ من ثم دور الفاعل المؤثر في كل ما
يحيط به، ويتصل بحياتها، ويرتبط بها، بنحو
من أنحاء الارتباط والاتصال.

لابد من الاختيار:

والذي يميّز هذا الكائن الحي عن غيره من
مشاركاته في خصوصية الحياة هو: أنه هو الذي
يختار أكثر ملامح شخصيته، التي تجسد
وجوده، وينتقي - بنفسه - وبمحض إرادته،
وملء اختياره كثيراً من خصائصه
الإنسانية، في أي وقت شاء، وفي المستوى،
وبالشكل، والطريقة التي يرى أنها تقاربه
وتناسبه.
وبعبارة أقرب إلى الوضوح نقول: إن هذا
الآدمي بعد أن يولد يبدأ مسيرة اكتساب
خصائصه وميزاته ويستوعب بعض الطاقات
والقدرات، وتبدأ ملامح شخصيته بالظهور
بصورة تدريجية ومطردة، متأثراً أولاً
بالتربية البيتية، والمدرسية، ثم على
سبيل التفاعل مع بيئته ومحيطه، وسائر ما
يمكن أن يعنيه ويلامس حياته ووجوده
وشخصيته بصورة أو باخرى.
حتى إذا قطع شوطاً في هذا السبيل، وأصبح
يمتلك درجة من الوعي، والشعور، والتمييز،
فإنه يبدأ بالمشاركة في الحصول على ذلك
بدرجات مختلفة، إلى أن ينتهي به الأمر إلى
الاستقلال التام في متابعته لمسيرته
التكاملية هذه. وقد نجده يباشر عملاً
تصحيحياً يشبه التقليم والتطعيم في جهات
كثيرة ومتنوعة في كيانه وشخصيته وفي حياته
الفردية والاجتماعية على حد سواء. فإذا رأى
أنه يعاني من خصيصة الجبن، أو اللؤم، أو
البخل، أو الاستكبار مثلاً ؛ فإنه من خلال
جهد ذي طابع معين يقتلع هذه الصفات أو
الحالات من كيانه لتحل محلها صفات أفضل
منها.
فهو يفعل ذلك بمحض إرادته، واختياره،
وبمبادرة ومباشرة منه وبوسائل وقدرات
تهيأت له، وأصبحت بفضل الله في متناول
يده، ليستفيد منها في هذا المجال، ثم في
عملية بناء الحياة، بصورة سليمة، بدءاً من
التغلب على مصاعبها، وتذليلها، وانتهاء
بتسخير نواميسها، والهيمنة عليها بكل ما
فيها من إمكانات، وطاقات، وإن كان كل واحد
من بني الإنسان يختار لنفسه موقعاً لنشاطه
وعمله يختلف جزئياً عن موقع نشاط كثيرين
آخرين، تبعاً لاختلاف التوجهات
والطموحات، والقدرات والإمكانات
المتوفرة لدى كلٍ منهم.
أما دور العقل في هذا الاختيار الزاخر
بالحركة، والمفعم بالمفاجآت، فهو دور
المدبر، والمقدر، الذي يقدم مشورته ونصحه
بأمانة ودقة في كل كبيرة وصغيرة.
خصائص الشخصية وميزاتها:
والذي نعنيه من الخصائص والميزات الشخصية
الإنسانية هو كل الطاقات، والحالات
الخَلْقِيةَ والخُلُقية والغريزية،
والفكرية والنفسية، وغيرها مما هو مؤثر في
إيجاد حركة الانتقال سلباً أو إيجاباً،
إلى وضع جديد، وحالة جديدة، بلا فرق بين أن
يكون ذلك باتجاه تحقيق الذات، أو باتجاه
التخلي عنها، أو عن بعض خصائصها.
فيشمل ذلك ما لدى الإنسان من سمع وبصر،
وقوة بدنية، ويد ورجل، وسلامة تركيب،
ويشمل حتى غرائزه الذاتية، ومواصفاته
الخلقية والنفسية، مثل حب الذات، وغريزة
الجنس، والغضب، والكرم، وحب الجاه،
والمروءة، والعقل، وحب التملك، وحب
الحياة وحتى الجوع والعطش، والإحساس
بالألم - وغير ذلك مما هو ضرورة حياتية
لهذا الإنسان.
كما أنه يشمل الحالات المضادة والسلبية
مثل: حالة الجبن، واللؤم والاستكبار،
والحسد، وما إلى ذلك.
مع التذكير بأن الله يريد من الإنسان أن
يجعل هدفه الكبير هو الوصول إليه سبحانه،
وكون الاتجاه في خط المسير إليه، وبذلك
يستكمل الإنسان صفاته الإنسانية المثلى
والفضلى، لكي تكون صورته أصفى وأروع وأبهج
ما تكون، ويحقق بذلك ذاته، ويجسد من خلال
الرعاية والتربية الإلهية إنسانيته التي
أرادها الله سبحانه له، حيث قال: يَا
أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ
إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ[2].
التوازن ضرورة حياتية:
إلا أن من الواضح: أنه من أجل بناء الحياة
بصورة سليمة وقويمة لابد من الاستفادة من
تلك القوى والملكات، والخصائص والحالات

/ 12