بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
سمعني من الخلفاء المأمون، وصفني له مخارق، فأمر بإشخاصي إليه، وأمر لي بألف درهمٍ أتجهز بها. فلما وصلت إليه أدناني وأعجب بي، وقال للمعتصم: هذا أثر خدمك وخدم آبائك وأجدادك يا أبا إسحاق. وذكر ما كان يشتهيه عليه كل خليفة، فقال: كان المأمون يشتهي من غنائي: كان ينهى فنهى حتى سلا وانجلت عنه غيابات الصبا خلع اللهو وأضحى مسبلاً للنهى فضل قميصٍ وردا قال: وكان المعتصم يشتهي علي: أسرفت في سوء الصنيع وفتكت بي فتك الخليع وولعت بي متمرداً والعذر في طرق الولوع صيرت حبك شافعاً فأتيت من قبل الشفيع قال: وكان الواثق يختار من غنائي: يا تاركي متلذذ ال عذال جذلان العداة انظر إلي بعين را ض نظرةً قبل الممات خليتني بين الوعي د وبين ألسنة الوشاة! ماذا يرجى بالحيا ة منغصٌ روح الحياة! قال: وكان المتوكل يحبني ويستخفني، وكانت أغانيه التي يشتهيها علي كثيرةٌ. منها: أطلعت الهوى وخلعت العذارا وباكرت بعد المراح العقارا ونازعك الكأس من هاشمٍ كريمٌ يحب عليها الوقارا فتًى فرق الحمد أمواله يجر القميص ويرخي الإزارا رأى الله جعفر خير الأنام فملكه ووقاه الحذارا قال: وكان المستعين يشتهي علي: وما أنس لا أنس منها الخشوع وفيض الدموع وغمز اليد وخدي مضافٌ إلى خدها قياماً إلى الصبح لم نرقد قال: واشتهى علي المعتمد: قلبي يحبك يا منى قلبي ويبغض من يحبك لأكون فرداً في هوا ك، فليت شعري كيف قلبك؟ قال جحظة: وكانت وفاة أبي حشيشة بسر من رأى. وسببها أنه اصطبح عند قلم غلام الفضل بن كاوش في يومٍ بارد، فقال له: أنا لا آكل إلا طعاماً حاراً، فأتاه بفجليةٍ باردةٍ وقال: تساعدني وتأكل معي، فأكل منها فخمد قلبه فمات. ذكر أخبار القيان وأول من غنى من النساء ومن اشهر بالغناء منهن في الإسلام قالوا: أول من غنى الغناء العربي جرادتا ابن جدعان. قال أبو الفرج الأصفهاني: قال ابن الكلبي: كان لابن جدعان أمتان يسميان الجرادتين يغنيان في الجاهلية، وسماهما جرادتي عباد، ووهبهما عبد الله بن جدعان لأمية بنت أبي الصلت الثقفي وكان قد امتدحه. وابن جدعان هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. كان سيداً جوادا، فرأى أمية ينظر إلى الجرادتين وهو عنده فأعطاه إياهما. وقد قيل في سبب إعطائه إياهما: إن أمية بن أبي الصلت قدم عليه، فقال له عبد الله: أمرٌ ما أتى بك! فقال أمية: كلاب غرماءٍ قد نبحتني ونهشتني. فقال له عبد الله: قدمت علي وأنا عليلٌ وحقوقٌ لحقتني ولزمتني، فانظرني قليلاً وقد ضمنت قضاء دينك فلا أسألك عن مبلغه، قال: فأقام أمية أياماً ثم أتاه فقال: أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء وعلمك بالأمور وأنت قرمٌ لك الحسب المهذب والسناء كريمٌ لا يغيره صباحٌ عن الخلق الكريم ولا مساء تباري الريح مكرمةً ومجداً إذا ما الكلب أجحره الشتاء إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء إذا خلفت عبد الله فاعلم بأن القوم ليس لهم جزاء فأرضك كل مكرمةٍ بنتها بنو تيمٍ وأنت لهم سماء وهل تخفى السماء على بصيرٍ! وهل بالشمس طالعةً خفاء! فلما أنشده أمية هذا الشعر كانت عنده قينتان، فقال لأمية: خذ أيتهما شئت، فأخذ إحداهما وانصرف، فمر بمجلسٍ من مجالس قريشٍ فلاموه على أخذها، وقالوا له: لقد ألفيته عليلاً، فلو رددتها عليه، فإن الشيخ محتاجٌ إلى خدمتها، كان ذلك أقرب لك عنده وأكثر من كل حقٍ ضمنه. فوقع الكلام من أمية موقعاً وندم، فرجع إليه ليردها عليه. فلما أتاه بها،