بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
حقيقة كقولنا: خلق الله الخلق؛ وكل جملة أخرجت الحكم المفاد بها عن موضعه في العقل بضرب من التأويل فهي مجاز، كما إذا أضيف الفعل إلى شئ يضاهي الفاعل، كالمفعول به في قوله عز وجل: "في عيشة راضية" و "من ماء دافق" أو المصدر، كقولهم: شعر شاعر؛ أو الزمان، كقول النعمان بن بشير لمعاوية: وليلك عما ناب قومك نائم أو المكان كقولك: طريق سائر، أو المسيب، كقولهم: بني الأمير المدينة؛ أو السبب، كقوله تعالى: "وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً" فمجاز المفرد لغوي ويسمى مجاز في المثبت ومجاز في الإثبات. قال: فالمجاز قد يكون في الإثبات وحده، وهو أن يضيف الفعل إلى غير الفاعل الحقيقي كما ذكرناه وقد يكون في المثبت وحده، كقوله تعالى: "فأحيينا به الأرض بعد موتها" جعل خضرة الأرض ونضرتها حياة، وقد يكون فيهما جميعاً، كقولك: أحيتني رؤيتك، تريد سرتني، فقد جعلت المسرة حياة وهو مجاز في المثبت وأسندتها إلى الرؤية وهو مجاز في الإثبات. قال: واعلم أنهم تعرضوا في اعتبار كون اللفظ مجازاً إلى اعتبار شيئين: الأول أن يكون منقولا عن معنى وضع اللفظ بإزائه، وبهذا يتميز عن اللفظ المشترك. الثاني أن يكون هذا النقل لمناسبة بينهما، فلا توصف الأعلام المنقولة بأنها مجاز إذ ليس نقلها لتعلق نسبة "بين" المنقول عنه ومن له العلم وإذا تحقق الشرطان سمي مجاز، وذلك مثل تسمية النعمة والقوة باليد، لما بين اليد وبينهما من التعلق وكما قالوا: رعينا الغيث يريدون النبت الذي الغيث سببه، وصابتنا السماء، يريدون المطر، وأشباه ذلك ونظائره. وأما التشبيه - فهو الدلالة على اشتراك شيئين في وصف هو من أوصاف الشيء في نفسه، كالشجاعة في الأسد، والنور في الشمس. وهو ركن من أركان البلاغة لإخراجه الخفي وإدنائه البعيد من القريب. وحكم إضافي لا يوجد إلا في الشيئين بخلاف الاستعارة. ثم التشبيه على أربعة أقسام: تشبيه محسوس "بمجسوس" وتشبيه معقول "بمعقول" وتشبيه معقول بمحسوس، وتشبيه محسوس بمعقول. فأما تشبيه محسوس بمحسوس فلاشتراكهما إما في المحسوسات الأولى: وهي مدركات السمع والبصر والذوق والشم واللمس، كتشبيه الخد بالورد والوجه بالنهار، "وأطيط الرحل بأصوات الفراريح" والفواكه الحلوة بالسكر والعسل ورائحة بعض الرياحين بالمسك والكافور، واللين الناعم بالحرير، والخشن بالمسح، أو في المحسوسات الثانية: وهي الأشكال المستقيمة والمستديرة، والمقادير والحركات كتشبيه المستوى المنتصب بالرمح، والقد اللطيف بالغصن والشيء المستدير بالكرة والحلقة، والعظيم الجثة بالجبل، والذاهب على الاستقامة بنفوذ السهم، أو في الكيفيات الجمسانية، كالصلابة والرخاوة، أو في الكيفيات النفسانية، كالغرائز والأخلاق. أو في حالة إضافية، كقولك: هذه حجة كالشمس، وألفاظ كالماء في السلالة وكالنسيم في الرقة، وكالعسل في الحلاوة. وربما كان التشبيه بوجه عقلي، كقول فاطمة بنت الخرشب الأنمارية حين وصفت بينها الكملة فقالت: هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين أطرفاها. وأما تشبيه المعقول بالمعقول فهو كتشبيه الوجود العاري عن الفوائد بالعدم، وتشبيه الفوائد التي تبقى بعد عدم الشيء بالوجود كقول الشاعر: رب حي كميت ليس فيه أمل يرتجى لنفع وضر وعظام تحت التراب وفوق الأرض منها آثار حمد وشكر وأما تشبيه المعقول بالمحسوس فهو كقوله تعالى: "مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصفٍ" وأما تشبيه المحسوس بالمعقول فهو غير جائز، لأن العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية إليها، ولذلك قيل: من فقد حساً فقد علما، فإذا كان المحسوس أصلاً للمعقول فتشبيه به يكون جعلا للفرع أصلا والأصل فرعاً ولذلك لو حاول محاول المبالغة في وصف الشمس بالظهور والمسك بالثناء فقال: