نهایة الأرب فی فنون الأدب جلد 17

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نهایة الأرب فی فنون الأدب - جلد 17

شهاب الدین النویری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

آدم من التراب هي التي أخرجتك من قعر الجب،
الحق بعدوك وجاهده في الله حق جهاده ومت
موت الصابرين. فلم يشعر الملك وأصحابه
إلا وقد أقبل جرجيس وهم في عيد لهم عكوف
عليه صنعوه فرحاً بموت جرجيس. فلما
نظروا إليه وقد أقبل قال الملك: ما أشبه
هذا بجرجيس! قالوا: كأنه هو. قال الملك: ما
بجرجيس من خفاء إنه لهو، ألا ترون إلى
سكون ريحه وقلة هيبته. قال جرجيس: أنا هو،
بئس القوم أنتم! قتلتم ومثلتم فأحياني
الله بقدرته، فهلموا إلى هذا الرب العظيم
الذي أراكم
ما أراكم. فلما قال لهم ذلك أقبل بعضهم على
بعض وقالوا: ساحر سحر أعينكم.
وجمعوا من كان ببلادهم من السحرة. فلما
جاءوا قال الملك لكبيرهم اعرض علي من
كبير سحرك ما يقر عيني. قال: ادع لي بثور من
البقر. فلما أتى به نفث في إحدى أذنيه
فانشقت باثنتين، ثم نفث في الأخرى فإذا هو
ثوران، ثم دعا ببذر فحرث وبذر، فشب
الزرع واستحصد، ثم درس وذرى وطحن وعجن
وخبز، كل ذلك في ساعة واحدة. فقال
الملك: هل تقدر أن تمسخه لي دابة؟ قال
الساحر: أي دابة أمسخه لك؟ قال: كلباً. قال:
ادع لي بقدح من ماء. فلما أتى بالقدح نفث
فيه الساحر ثم قال: اعزم عليه أن يشر به،
فشربه جرجيس حتى أتى على آخره. فلما فرغ
منه قال له الساحر: ماذا تجد؟ قال: ما
أجد إلا خيراً، قد كنت عطشت فلطف الله بي
بهذا الشراب فقواني به عليكم. فأقبل
الساحر على الملك فقال له: اعلم أيها
الملك إنك لو كنت تقاسي رجلاً مثلك إذاً
لقد كنت
غلبته، ولكنك تقاسي جبار السموات والأرض.
وهو الملك الذي لا يرام.
قال: وكانت امرأة مسكينة من أهل الشام
سمعت بجرجيس وما يصنع من الأعاجيب،
فأتته وهو في أشد ما هو فيه من البلاء،
فقالت له: يا جرجيس، إني امرأة مسكينة ولم
يكن لي مال إلا ثوراً أحرث عليه فمات،
فجئتك لترحمني وتدعو الله تعالى أن يحيي
لي
ثوري. فذرفت عيناه، ثم دعا الله تعالى أن
يحيى لها ثورها، وأعطاها عصاً وقال لها:
اذهبي إلى ثورك فاقرعيه بهذه العصا وقولي
له: احي بإذن الله. فقالت: يا جرجيس، مات
ثوري منذ أيام ومزقته السباع، وبيني
وبينه أيام. فقال: لو لم تجدي منه إلا سناً
واحدة ثم
قرعتها بالعصا لقام بإذن الله تعالى.
فانطلقت حتى أتت مصرع ثورها، وكان أول شيء
بدا
لها أحد روقيه وشعر أذنيه، فجمعت أحدهما
إلى الآخر ثم قرعتهما بالعصا وقالت كما
أمرها، فقام الثور بإذن الله تعالى وعملت
عليه. قال: فلما قال الساحر للملك ما قال،
قال
رجل من أصحاب الملك، وكان أعظمهم من بعد
الملك، إنكم قد وضعتم أمر هذا الرجل
على السحر، وإنكم عذبتموه فلم يصل إليه
عذابكم، وقتلتموه فلم يمت، فهل رأيتم
ساحراً
يدرأ عن نفسه الموت وأحيا ميتاً قط؟
فقالوا له: إن كلامك رجل قد صغا إليه فلعله
استهواك. فقال: بل آمنت بالله، واشهدوا
أني بريء مما تعبدون فقام إليه الملك
وأصحابه
بالخناجر فقتلوه. فلما رأى القوم ذلك اتبع
جرجيس أربعة آلاف رجل. فعمد إليهم الملك
فأوثقهم، ثم لم يزل يعذبهم بأنواع العذاب
حتى أفناهم. فلما فرغ منهم قال لجرجيس: هلا
دعوت ربك فأحيا لك أصحابك هؤلاء الذي
قتلوا بجريرتك!. فقال له جرجيس: ما خلى
بينك وبينهم حتى حان لهم. فقال رجل من
عظماء أصحابه يقال له مخلنطيس: إنك
زعمت يا جرجيس أن إلهك هو الذي يبدأ الخلق
ثم يعيده، وإني سائلك أمراً إن فعله
إلهك آمنت بك وصدقتك وكفيتك، إن حولنا
أربعة عشر كرسياً ومائدة، وبيننا أقداح
وصحاف وهي من أشجار شتى، فادع إلهك ينشء
هذه الكراسي والأواني كما بدأها أول
مرة حتى تعود خضراء يعرف كل عود منها
بلونه وورقه وزهره. فقال له جرجيس: قد
سألت أمراً عزيزاً علي وعليك، وإنه على
الله لهين، ودعا الله عز وجل، فما برحوا من
مكانهم حتى اخضرت تلك الكراسي والأواني
كلها وساخت عروقها وألبست اللحاء
وتشعبت فأورقت وأزهرت وأثمرت. فلما نظروا
إلى ذلك انتدب له مخلنطيس الذي تمنى
عليه ما تمنى فقال: أنا أعذب لكم هذا
الساحر عذاباً يضل عنه كيده. فعمد إلى نحاس
فصنع منه صورة ثور أجوف واسع، ثم حشاه
نفطاً ورصاصاً وكبريتاً وزرنيخاً، ثم
أدخل
جرجيس مع الحشو في جوفه، ثم أوقد تحت
الصورة حتى التهبت وذاب كل شيء فيها
واختلط، ومات جرجيس في جوفها. فلما مات
أرسل الله عز وجل ريحاً عاصفاً فملأت
السماء سحاباً أسود مظلماً، فيه رعد وبرق
وصواعق، وأرسل الله تبارك وتعالى اعصاراً

/ 102