بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
إلى الإيمان فآمنت به، وأمرها فكتمت إيمانها. فلما أصبح غدا به الملك إلى بيت الأصنام ليسجد لها. وقيل للعجوز التي كان سجن في بيتها: هل علمت أن جرجيس قد فتن بعدك فأصغى إلى الدنيا وقد خرج به الملك إلى بيت أصنامه ليسجد لها فخرجت العجوز تحمل ابنها على عاتقها وتوبخ جرجيس والناس مشغولون عنها. فلما دخل جرجيس بيت الأصنام ودخل الناس معه نظر فإذا العجوز وابنها على عاتقها أقرب الناس إليه مقاماً؛ فدعا ابن العجوز باسمه فنطق وأجابه ولم يكن يتكلم قبل ذلك، ثم اقتحم عن عاتق أمه يمشي على رجليه وهما مستويتان وما وطئ على الأرض قبل ذلك قط. فلما وقف بين يدي جرجيس قال: اذهب فادع لي هذه الأصنام وهي حينئذ سبعون صنماً على منابر من ذهب، وهم يعبدون الشمس والقمر معها. فقال له الغلام: كيف أدعو الأصنام؟ قال: قل لها إن جرجيس يسألك ويعزم عليك بالذي خلقك إلا أجبتيه. قال: فلما قال لها الغلام ذلك أقبلت تدحرج إلى جرجيس، فلما انتهت إليه ركض الأرض برجله فخسف بها وبمنابرها، وخرج إبليس من جوف صنم منها هارباً فرقاً من الخسف، فلما مر بجرجيس أخذ بناصيته، فخضع له وكلمه جرجيس فقال له: أخبرني أيها الروح النجسة والخلق الملعون، ما الذي يحملك على أن تهلك نفسك وتهلك الناس وأنت تعلم أنك وجندك تصيرون إلى جهنم؟ فقال له إبليس: لو خيرت بين ما أشرقت عليه الشمس وأظلم عليه الليل وبين هلكة واحد من بني آدم وضلالته وطرفة عين لاخترته على ذلك كله، وإنه ليقع لي من الشهوة واللذة في ذلك مثل جميع ما يتلذذ به جميع الخلائق. ألم تعلم يا جرجيس أن الله تعالى أسجد لأبيك آدم جميع الملائكة فسجدوا كلهم وامتنعت أنا من السجود وقلت أنا خير منه!. فلما قال هذا أخلاه جرجيس. فما دخل إبليس منذ ذلك اليوم جوف صنم ولا يدخله بعدها فيما يذكرون أبداً. فقال الملك: يا جرجيس خدعتني وغدرتني وأهلكت آلهتي. فقال جرجيس للملك: إنما فعلت ذلك لتعتبر ولتعلم أنها لو كانت آلهة لامتنعت مني فكيف ثقتك - ويلك - بآلهة لم تمنع أنفسها مني! وإنما أنا مخلوق ضعيف لا أملك إلا ما ملكني ربي. فلما قال جرجيس هذا كلمتهم امرأة الملك وكشفت لهم إيمانها، وعددت عليهم أفعالهم أفعال جرجيس والعبر التي أراهم الله تعالى، وقالت لهم: ما تنظرون من هذا الرجل إلا د..رةً فيخسف الله بكم الأرض كما خسف بأصنامكم. الله الله أيها القوم في أنفسكم!. فقال لها الملك: ويحك يا سكندرة! ما أسرع ما أضلك هذا الساحر في ليلة واحدة وأنا أقاسيه منذ سبع سنين فلم يظفر مني بشيء قط! فقالت: أما رأيت الله كيف يظفره بك ويسلطه عليك فيكون له الفلج والحجة عليك في كل مواطن!. فأمر بها الملك عند ذلك فحملت على خشبة جرجيس التي كان عليها علق، وحملت عليها الأمشاط التي جعلت على جرجيس. فلما تألمت قالت: ادع ربك يا جرجيس فيخفف عني فإني قد آلمني العذاب. فقال لها: انظري فوقك. فلما نظرت ضحكت. فقال لها: ما الذي يضحكك؟ قالت: أرى ملكين فوقي معهما تاج من حلي الجنة ينتظران به روحي أن تخرج. فلما خرجت أتيا بذلك التاج ثم صعدا بها إلى الجنة. قال: فلما قبض الله تعالى روحها أقبل جرجيس على الدعاء فقال: اللهم أنت أكرمتني بهذا البلاء لتعطيني فضائل الشهداء، فهذا آخر أيامي التي وعدتني فيه الراحة من بلائك، فإني أسألك ألا تقبض روحي ولا أزول من مكاني هذا حتى تنزل بهؤلاء القوم من سطوتك ونقمتك ما لا قبل لهم به حتى تشفي به صدري وتقربه عيني؛ فإنهم ظلموني وعذبوني. اللهم وأسألك ألا يدعو بعدي داع في بلاء وكرب فيذكرني ويشير باسمي إلا فرجت عنه ورحمته وأجبته وشفعني فيه. فلما فرغ من هذا الدعاء أمطر الله عليهم ناراً من السماء. فلما رأوا ذلك عمدوا إليه وضربوه بالسيوف غيظاً عليه من شدة الحريق ليعطيه الله تعالى بالقتلة الرابعة ما وعده. ثم احترقت المدينة بجميع ما فيها وصارت رماداً، فحملها الله من وجه الأرض وجعل عاليها سافلها، فمكثت زماناً يخرج من تحتها دخان منتن لا يشمه أحد إلا سقم سقماً شديداً. وكان من آمن بجرجيس وقتل معه أربعة وثلاثون ألفاً وامرأة الملك. قالوا: وكان جرجيس في أيام ملوك الطوائف. وحيث انتهى بنا القول في سرد ما شرحناه من قصص الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين،