بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
منك أمس، فاعرف إحساني، واستصف مودتي لغدٍ، ولا تقل مثل هذا فإني لم أزل لك ناصحاً. ثم دخل علي البصرة يوم الاثنين، فبايعه أهلها، حتى الجرحى والمستأمنة، واستعمل علي عبد الله بن عباس على البصرة، وولى زياداً الخراج وبيت المال، وأمر ابن عباس أن يسمع منه ويطيع وكان زياد معتزلا. ثم راح علي رضي اله عنه إلى عائشة في دار عبد الله بن خلف الخزاعي، فوجد النساء يبكين على عبد الله وعثمان ابني خلف، وكان عبد الله قتل مع عائشة، وعثمان قتل مع علي، وكانت صفية زوجة عبد الله مختمرة تبكي، فلما رأته قالت له: يا علي، يا قاتل الأحبة، يا مفرق الجمع، أيتم الله منك بنيك كما أيتمت ولد عبد الله منه. فلم يرد عليها شيئاً، ودخل على عائشة فسلم عليها وقعد عندها، ثم قال: جبهتنا صفية. أما إني لم أرها منذ كانت جارية! فلما خرج أعادت عليه القول، فكف بغلته، وقال: لقد هممت أن أفتح هذا الباب وأشار إلى باب في الدار وأقتل من فيه وكان فيه ناس من الجرحى فأخبر بمكانهم، فتغافل عنه. قال: ولما خرج من عند عائشة قال له رجل من الأزد: والله لا تغلبنا هذه المرأة! فغضب وقال:"مه لا تهتكن ستراً، ولا تدخلن دارا، ولا تهيجن امرأةً بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسفهن أمراءكم وصلحاءكم، فإن النساء ضعيفات، ولقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات، فكيف إذا كن مسلمات؟ " ومضى، فلحقه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، قام رجلان على الباب فتناولا من هو أمض شتيمة لك من صفية. فقال: ويحك لعلها عائشة! قال: نعم، قال أحدهما: "جزيت عنا أمنا عقوقا". وقال الآخر: "يا أمتا توبي فقد خطيت". فبعث القعقاع بن عمرو إلى الباب، فأقبل على من كان عليه، فأحالوا على رجلين من أزد الكوفة، وهما عجلان وسعد ابنا عبد الله فضربهما مائة سوط، وأخرجهما من ثيابهما. قال: وسألت عائشة رضي الله عنها عمن قتل من الناس معها وعليها، فكلما نعي واحدٌ من الجميع قالت: رحمه الله! فقيل لها كيف ذلك؟ قالت: كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلان في الجنة وفلان في الجنة. ثم جهز علي رضي الله عنه عائشة بكل ما ينبغي لها من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك، وبعث معها كل من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء البصرة المعروفات، وسير معها أخاها محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم. فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه أتاها علي فوقف لها، وحضر الناس، فخرجت وودعوها وودعتهم وقالت: يا بني، لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتي لمن الأخيار. فقال علي رضي الله عنه: صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة. وكان خروجها من البصرة يوم السبت غرة شهر رجب سنة ست وثلاثين، وشيعها علي أميالا، وسرح بنيه معها يوما. وتوجهت إلى مكة، فأقامت إلى الحج، فحجت، ثم رجعت إلى المدينة. قال: ولما فرغ علي من بيعة أهل البصرة نظر في بيت المال، فرأى فيه ستمائة ألف وزيادة، فقسمها على من شهد معه، فأصاب كل رجل منهم خمسمائة درهم، فقال لهمك إن أظفركم الله بالشام فلكم مثلها إلى أعطياتكم، فخاض في ذلك السبئية، وطعنوا على علي من وراء وراء، وطعنوا فيه أيضاً حين نهاهم عن أخذ أموالهم، فقالوا: يحل لنا دماءهم ويحرم علينا أموالهم! قال: وأراد علي رضي الله عنه المقام بالبصرة لإصلاح حالها، فأعجلته السبئية عن المقام، فإنهم ارتحلوا بغير إذنه، فارتحل في آثارهم، ليقطع عليهم أمراً إن أرادوه. فلنرجع إلى مقتل طلحة والزبير. مقتل طلحة رضي الله عنه وشيء من أخباره هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن مسعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي. وهو أقرب العشرة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، يجتمع نسبه مع نسب أبي بكر في عمرو بن كعب بن سعد. ويجتمع نسبه ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مرة ابن كعب. وأم طلحة: الحضرمية، وهي الصعية بنت عبد الله بن عباد ابن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عويف بن مالك بن الخزرج