بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
وحكى أبو عمر ابن عبد البر في كتابه المترجم ب" الاستيعاب" من رواية عمرو بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال: لما بلغ الزبير سفوان موضعاً بالبصرة كمكان القادسية من الكوفة لقيه النعر رجل من بني مجاشع فقال: "أين تذهب يا حواري رسول الله؟ إلي، فأنت في ذمتي لا يوصل إليك"، فأقبل معه، وأتى إنسان الأحنف فقال: هذا الزبير قد لقي بسفوان، فقال الأحنف: "ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعضٍ بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله!!" فسمعه عميرة بن جرموزٍ وفضالة بن حابس ونفيعٌ في غواة من غواة بني تميم، فركبوا في طلبه، فلقوه مع النعر، فأتاه عميرة بن جرموزٍ من خلفه وهو على فرسٍ له ضعيفة فطعنه طعنةً خفيفة، وحمل عليه الزبير على فرس له يقال له "ذو الخمار"، حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه: "يا نفيع يا فضالة" فحملوا عليه حتى قتلوه... قال: وهذا أصح مما تقدم. وكان مقتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين. وكانت سنه يوم قتل سبعاً وستين سنة، وقيل ستاً وستين. وكان الزبير رضي الله أسمر ربعةً معتدل اللحم خفيف اللحية. وقال حسان بن ثابت يمدح الزبير ويفضله: أقام على عهد النبيّ وهديه حواريّه والقول بالفعل يعدل أقام على منهاجه وطريقه يوالي وليّ الحقّ والحقّ أعدل هو الفارس المشهور والبطل الذي يصول إذا ما كان يومٌ محجّل وإنّ امرأً كانت صفية أمه ومن أسدٌ في بيته لمرفّل له من رسول الله قربى قريبةٌ ومن نصرة الإسلام مجدٌ مؤثل فكم كرّةٍ ذبّ الزّبير بسيفه عن المصطفى والله يعطي ويجذل إذا كشفت عن ساقها الحرب حشّها بأبيض سبّاقٍ إلى الموت يرقل فما مثله فيهم ولا كان قبله وليس يكون الدّهر ما دام يذبل وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: "يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالمٌ أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوماً، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئاً؟ وقال: يا بني بع مالنا واقض ديني. وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه يعني بني عبد الله بن الزبير يقول: الثلث إليك فإن فضل من مالنا فضلٌ بعد قضاء الدين فثلثه لولدك. قال هشامٌ وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير: خبيبٌ وعباد، وله يومئذٍ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيءٍ منه فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد، حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله تعالى. فوالله ما وقعت في كربةٍ من دينه إلا قلت: "يا مولى الزبير اقض عنه دينه" فيقضيه. فقتل الزبير رضي الله عنه ولم يدع ديناراً ولا درهماً إلا أرضين منها الغابة وإحدى عشرة داراً بالمدينة ودارين بالبصرة وداراً بالكوفة وداراً بمصر. قال: وإنما كان دينه الذي عليه أ، الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير رضي الله عنه لا، ولكنه سلفٌ، فإني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارةً قط ولا جباية خراج ولا شيئاً إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم. قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألفٍ ومائتي ألفٍ. قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟ فكتمه وقال: مائة ألف. فقال حكيمٌ: والله ما أرى أموالكم تسه لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألفٍ ومائتي ألفٍ؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزبير رضي الله عنه اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألفٍ وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان له على الزبير حقٌ فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم.