بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ولكني أرى أن نمشي بسيوفنا معك فنقاتل حتى نلقى ظفراً أو نموت كراماً. فقال له الحجاج: الرأي ما رأيت، وحفظ هذه لعثمان، وحقدها على زياد، وجاء عامر بن مسمع إلى الحجاج فقال: إني قد أخذت لك أماناً من الناس، فجعل الحجاج يرفع صوته ليسمع الناس ويقول: والله لا أؤمنهم أبداً حتى يأتوا بالهذيل وعبد الله بن حكيم. ومر عباد بن الحصين الحبطي بابن الجارود وابن الهذيل وابن حكيم وهم يتناجون، فقال: أشركونا في نجواكم. فقالوا: هيهات أن يدخل في نجوانا أحد من الحبط، فغضب وسار إلى الحجاج في مائة رجل، فقال له الحجاج: ما أبالي من تخلف بعدك. وأتاه قتيبة بن مسلم في قومه من بني أعصر، وكان الحجاج قد يئس من الحياة، فلما جاءه هؤلاء اطمأن، ثم جاءه سبرة بن علي الكلابي، وسعيد بن أسلم بن زرعة، وجعفر بن عبد الرحمن بن مخنف الأزدي، وأرسل إليه مسمع بن مالك بن مسمع يقول: إن شئت أتيتك، وإن شئت أقمت وثبطت الناس عنك. فقال: أقم وثبط الناس عني. فلما اجتمع للحجاج عددٌ يمنع بمثلهم خرج، وعبأ أصحابه، وتلاحق الناس به، فلما أصبح إذا حوله ستة آلاف، فقال ابن الجارود لعبيد الله بن زياد بن ظبيان: ما الرأي ؟ قال: تركت الرأي أمس حين قال لك الغضبان: تعش بالجدي قبل أن يتغدى بك. وقد ذهب الرأى وبقي الصبر. فحرض ابن الجارود الناس، وزحف بهم وعلى ميمنته الهذيل ابن عمران، وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد بن ظبيان، وتقدم الحجاج وعلى ميمنته قتيبة بن مسلم، ويقال عباد بن الحصين، وعلى ميسرته سعيد بن أسلم، فحمل ابن الجارود في أصحابه حتى جاوز أصحاب الحجاج، فعطف الحجاج عليه، ثم اقتتلوا ساعةً وعاد ابن الجارود بظفرٍ، فأتاه سهمٌ غربٌ فقتله، ونادى منادي الحجاج بأمان الناس إلا الهذيل وعبد الله بن حكيم، وأمر ألا يتبع المنهزمون. فانهزم عبيد الله بن زياد بن ظبيان، فأتى سعيد ابن عباد الجلندي الأزدي بعمان، فقيل لسعيد: إنه رجل فاتك فاحذره، فلما جاء البطيخ بعث إليه بنصف بطيخة مسمومة، وقال: هذا أول شيء جاءنا منه، وقد أكلت نصف هذه، وبعثت إليك بنصفها؛ فأكلها عبيد الله فأحس بالشر، فقال: أردت أن أقتله فقتلني. قال: وحمل رأس ابن الجارود وثمانية عشر من وجوه أصحابه إلى المهلب، فنصبت ليراها الخوارج وييأسوا من الاختلاف. وحبس الحجاج عبيد بن كعب النميري ومحمد بن عميرين عطارد، فإنه كان قد بعث إلى كلٍ منهما يقول: هلم إلي فامنعنين فقال: إن أتيتني منعتك. وحبس الغضبان وقال: أنت القائل: تعش بالجدي قبل أن يتغدى بك ! فقال: ما نفعت من قيلت له ولا ضرت من قيلت فيه ! فكتب عبد الملك إلى الحجاج بإطلاقه. ما كلم به الحجاج أنس بن مالك رضي الله عنه وشكواه إياه وما كتب به عبد الملك من الإنكار على الحجاج وسبه بسببه قال: كان عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه ممن قتل مع ابن الجارود، فلما دخل الحجاج البصرة أخذ ماله، فدخل عليه أنس بن مالك رضي الله عنه، فحين رآه الحجاج قال له: لا مرحباً ولا أهلاً، إيه يا خبثة؛ شيخ ضلالةٍ، جوال في الفتن، مرةً مع أبي تراب، ومرةً مع ابن الزبير، ومرةً مع ابن الجارود؛ أما والله لأجردنك جرد القضيب، ولأعصبنك عصب السلمة، ولأفلعنك قلع الصمغة. فقال أنس: من يعني الأمير ؟ فقال: إياك أعني، أصم الله صداك. فرجع أنس، فكتب إلى عبد الملك كتاباً يشكو فيه الحجاج وما صنع به. فكتب عبد الملك إلى الحجاج: أما بعد يا بن أم الحجاج فإنك عبدٌ طمت بك الأمور فغلوت فيها حتى عدوت طورك، وتجاوزت قدرك، يا بن المستفرمة بعجم الزبيب لأغمزنك غمزةً كبعض غمزات الليوث الثعالب، ولأخبطنك خبطةً تود لها لو أنك رجعت في مخرجك من بطن أمك. أما تذكر حال آبائك بالطائف حيث كانوا ينقلون الحجارة على ظهورهم، ويحفرون الآبار بأيديهم في أوديتهم ومياههم؛ أم نسيت حال آبائك في اللؤم والدناءة في المروءة والخلق. وقد بلغ أمير المؤمنين الذي كان منك إلى أنس بن مالك جرأة وإقداماً، وأظنك أردت أن تسبر ما عند أمير المؤمنين في أمره فتعلم إنكاره ذلك وإضغاءه عنك، فإن سوغك ما كان منك مضيت عليه قدماً، فعليك لعنة الله من عبد أخفش العينين، أصك الرجلين، ممسوح الجاعرتين، ولولا أن أمير المؤمنين ظن أن