بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
صلى الله عليه وسلم. ثم أخذ في سب أبي جعفر. ثم قال: إني ظننت هذا الخائر يدعو إلى الحق ويقوم به، حتى تبين لي منه خلاف ما بايعته عليه من إقامة الحق والعدل. وأنا الآن قد خلعته كما خلعت نعلي هاتين. وقذفهما وهو على المنبر. ثم دعا بخلعة أبي جعفر التي كان أرسلها إليه، وفيها سواده - وكان قد لبسها قبل ذلك ودعا فيها لأبي جعفر، وهو أول سواد لبس بإفريقية - فأمر بتخريقها وحرقها. وأمر كاتبه خالد بن ربيعة أن يكتب كتاباً بخلعه، ويقرأ على المنابر في سائر بلاد المغرب، ففعل ذلك. مقتل عبد الرحمن بن حبيب وولاية أخيه الياس بن حبيب وقتله وولاية حبيب بن عبد الرحمن وقتله كان سبب قتل عبد الرحمن أنه لما قتل مروان بن محمد الحمار هرب جماعة من بني أمية ومعهم حريمهم نحو إفريقية، فتزوج عبد الرحمن وإخوته منهم. وكان ممن قدم عليه ابنان للوليد بن يزيد ابن عبد الملك، يقال لأحدهما العاص والآخر عبد المؤمن. وكانت ابنة عمهما تحت إلياس بن حبيب. فأنزلهما عبد الرحمن بدار شيبة بن حسان. وتسلك عليهما ليسمع كلامهما وكانا على نبيذ، وغلامهما يسقيهما. فقال العاص: ما أغفل عبد الرحمن! أيظن أنه يتهنى معنا بولاية ونحن أولاد الخلفاء؟. فنزل وانصرف ولم يعلما به ثم أمر بقتلهما. فقالت ابنة عمهما لزوجها إلياس: إنه قتل أختانك تهاوناً بك، وجعل العهد من بعده لابنه حبيب وأنت صاحب حربه وسيفه الذي يصول به! ولم تزل تغريه به. وكان عبد الرحمن إذا ثار عليه ثائر أو خرج عليه خارجي يرسل أخاه إلياس لقتاله. فإذا ظفر، نسب الظفر لابنه حبيب وجعل العهد فيه. فاجتمع رأي إلياس بن حبيب وعبد الوارث أخيه على قتل عبد الرحمن أخيهما. ووالاهما على ذلك جماعة من أهل القيروان والعرب وغيرهم، على أن يكون الأمر لإلياس، والدعاء لأبي جعفر المنصور. فأتاه إلياس ليلاً فاستأذن عليه بعد العشاء الآخرة. فقال: ما جاء به وقد ودعني؟ وكان إلياس قد عزم على الخروج إلى تونس. وأذن له، فدخل عليه وهو في غلالة وردية وابن له صغير في حجره. فقعد طويلاً وعبد الوارث يغمز. فلما قام يودعه، أكب عليه يعانقه، فوضع السكين بين كتفيه حتى صارت إلى صدره. فصاح عبد الرحمن وقال: فعلتها يا ابن للخناء؟. ثم ضربه إلياس بالسيف. فاتقاه بمرفقه، فأبان يده. وضربه حتى اثخنه. ودهش إلياس وخرج هارباً. فقال له أصحابه: ما فعلت؟. قال: قتلته. فقالوا: ارجع وحزّ رأسه، وإلا قتلنا عن آخرنا. ففعل. وثارث الصيحة. وأخذ إلياس أبواب دار الإمارة. ويسمع حبيب بن عبد الرحمن الصيحة فهرب من القيروان. وأصبح بقرب تونس فدخلها، واجتمع مع عمه عمران بن حبيب ولحق بهما موالي عبد الرحمن من كل ناحية. فخرج إليهما إلياس إلى سمنجة. فوافياه بمن معهما. وهموا بالقتال. ثم اصطلحوا على أن يعود عمران إلى ولاية تونس وصطفورة والجزيرة، ويكون حبيب على قفصة وقصيطلة ونفزاوة، ولإلياس سائر إفريقية والمغرب. ومضى إلياس مع عمران إلى تونس، وانصرف حبيب إلى القيروان. فوثب إلياس على أخيه عمران، وعلى عمر بن نافع بن أبي عبيدة الفهري، وعلى الأسود بن موسى بن عبد الرحمن بن عقبة وعلى ابن قطن، فشدهم وثاقاً، ووجههم في سفينة إلى الأندلس إلى يوسف بن عبد الرحمن بن عقبة. وانصرف إلى القيروان فبلغه عن حبيب أخبار كرهها. فأغرى إلياس به، وأرسل إليه من زين له الخروج إلى الأندلس، ففعل. وجهزه إلياس في سفينة. فتعذّرت عليهم الريح. فكتب إلى إلياس أن الريح قد ردته، وأن المسير بن زياد الرّعيني يحذره أمره. فاجتمع إلى حبيب موالي أبيه، فأسروا سليمان بن زياد وشدوه وثاقاً وكان معسكراً يحارس حبيباً. وأخرجوا حبيباً إلى البر وأظهروا أمره. فتوجه إلى الأربس فأخذها. وبلغ خبره إلياس فتوجه إليه. واجتمع لكل واحد منهما جماعة. فلما التقيا، قال حبيب لعمه إلياس: لم نقتل موالينا وصنائعنا بيننا وهم لنا حصن؟ ولكن أبرز أنت وأنا، فأينا قتل صاحبه استراح منه: إن قتلتني ألحقتني بأبي، وإن قتلتك أدركت ثأري منك. فارتاب إلياس ساعة. فنادى الناس: قد أنصفك فلا تجبن، فإن ذلك سبّة عليك وعلى ولدك من بعدك. فخرج كل منهما إلى صاحبه والتقيا ساعة. فضرب إلياس حبيباً فأعمل السيف في ثيابه ودرعه ووصل إلى جسمه، فعطف حبيب